كتاب " تبيان الحدود بين تاريخ بني إسرءيل وتاريخ اليهودفي العصور القديمة " ، تأليف هشام أبو حاكمة ، والذي صدر عن
أنت هنا
قراءة كتاب تبيان الحدود بين تاريخ بني إسرءيل وتاريخ اليهودفي العصور القديمة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
تبيان الحدود بين تاريخ بني إسرءيل وتاريخ اليهودفي العصور القديمة
أرض فلسطين والغزو الخارجي
لما كانت فلسطين هي المعبر الوحيد بين البر الآسيوي والبر الأفريقي، أصبحت منطقة تتنازع عليها كل قوى المنطقة الكبرى باعتبارها فاصلا بين القوة الآسيوية، والقوة الأفريقية.
كما أن هذا الموقع الجغرافي المتوسط، جعل منها مفترق طرق للخطوط التجارية التي كانت قائمة في تلك العصور القديمة في المنطقة. فمثلا كانت (أراد Arad) والتي تقع على بعد ثلاثين كيلومترا إلى الشرق من بئر السبع، تعتبر من المحطات التي تتوقف فيها القوافل التجارية القادمة من بلاد مصر، ومتجهة إلى فلسطين وغيرها شمالا. وكذلك القوافل القادمة من العراق ومتجهة إلى مصر وشمال أفريقيا. وكان يحيط بهذه المدينة مجموعة من القرى الصغيرة، مما يدل على أنها كانت تُكَوِّنُ نوعا من التنظيم السياسي، يجمع بين هذه المدينة والقرى التي حولها.
ومن أجل هذه الأسباب وغيرها كانت أرض فلسطين مستعمَرَةً على مر العصور ومنذ القِدم، فما أن تزول دولة مُستعْمِرَة، حتى تليها دولة أخرى تحتل الأرض، وتستعبد الناس، وتنهب خيرات البلاد. إذ أن السيطرة على هذه المنطقة يُقوّي النفوذ الاقتصادي والسياسـي للدولـة المسيطرة عليها. فكل دولة كانت ترغب في أن تصبح دولة عظمى، أو إمبراطورية كبرى، كانت تضع أمام أعينها أنه لا بد لها من السيطرة على هذه المنطقة. ولا شك أن ذلك كان يعتبر مقدمة لغزو مناطق أخرى.
ونتيجة لذلك، لم نعهد قيام دولة، أو مملكة مستقلة على أرض فلسطين بكاملها منذ القِدم حتى الآن. كما أدى ذلك إلى عدم استتاب الأمن في هذه المنطقة لأكثر من قرون قديما، مما ساعد على وجود العصابات المسلحة وقطاع الطرق فيها بكثرة من جهة، وكثرة الصدامات المسلحة بين القوى السياسية المحلية من جهة أخرى.
إن المراكز الحضارية الكبيرة، التي نشأت في تلك العصور في هذه المنطقة الواسعة، كانت في مكانين، الأول في الشرق، وكان مركزه في العراق القديم، والثاني في الغرب، وكان مركزه في مصر. وقد كانت فلسطين في أغلب الأحيان ساحة لأن يحاول كل مركز أن يفرض حضارته وسلطته عليها، استعدادا لفرض ذلك على المركز الآخر، مما جعل هذه المراكز الحضارية تسعى جاهدة في إخماد كل حركة استقلالية، أو حضارية معادية لهما فوق هذه الأرض.
أما ما يذكره لنا التاريخ من تسلل التيارات الحضارية الأناضولية من الشمال (من شمال سورية)، وهي حضارات الدولة الميتانية ثم الحيثية التي خلفتها، والتي انهارت حوالي الربع الأخير من القرن الثاني عشر قبل الميلاد، فلم يطل بهما المقام على هذه الأرض، ولم تتركا أثرا كما تركته الحضارات الشرقية والغربية.
وقد حصل وأن اصطدمت هذه الحضارات مع مراكز القوى التي كانت قائمة على أرض سورية وفلسطين. وكان من أهم هذه المعارك، المعركة التي جرت بين تحتمس الثالث 1501 – 1447 ق. م.، وبين اتحاد ملوك كنعان، وكان ذلك حوالي سنة 1479 ق. م. في معركة مَجِدّوُ في فلسطين. وكانت نتيجة هذه المعركة أن سقطت مَجِدّو وعدد كبير من المدن الفلسطينية، وتم فرض السيطرة المصرية على معظم أنحاء فلسطين.