كتاب " تبيان الحدود بين تاريخ بني إسرءيل وتاريخ اليهودفي العصور القديمة " ، تأليف هشام أبو حاكمة ، والذي صدر عن
أنت هنا
قراءة كتاب تبيان الحدود بين تاريخ بني إسرءيل وتاريخ اليهودفي العصور القديمة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
تبيان الحدود بين تاريخ بني إسرءيل وتاريخ اليهودفي العصور القديمة
الفراعنة وأرض كنعان
منذ بداية العصر البرونزي الأخير (1500–1200 ق. م.)، كان الاهتمام المصري بمنطقة الشرق كبيرا. وقد تميز هذا العصر بالسيطرة المصرية الكاملة على منطقة فلسطين، لإدراك مصر أنها من المناطق الحيوية لأمنها، وللحفاظ على تأمين الطرق التجارية، وأنه لا أمن ولا استقرار لمصر، إذا لم تخضع هذه المنطقة لسيطرتها كاملة.
ولهذا قام ملوك الفراعنة بغزو هذه المنطقة، وخاصة فلسطين في العصور القديمة عدة مرات، ووصلوا إلى شمالي سورية. وكان من أهم المعارك التي دارت على أرض فلسطين بين الفراعنة وممالك المدن الفلسطينية، معركة مَجِدُّو (تل المُتَسلِّم) التي وقعت في عهد تحتمس الثالث (1501-1447ق. م.). وقد ضمت جيوش التحالف الفلسطيني حوالي 330 ملكا وحاكما وأميرا من جميع أنحاء فلسطين، وبعض مناطق سورية، وانضم إليهم الهكسوس الذين تم طردهم من مصر قبل ذلك.
وبعد انتصار تحتمس الثالث في هذه المعركة استطاع السيطرة على معظم المناطق الفلسطينية الساحلية، حيث كان الساحل في أكثر أجزائه يخضع للسيطرة الفنيقية. كما سارع جميع ملوك وأمراء فلسطين وأغلب حكام سورية إلى إعلان ولائهم وطاعتهم للفرعون بإرسال الهدايا المختلفة إليه. كما أُجْبِروا على إرسال رهائن إلى مصر.
وبعد هذه المعركة أيضا قام تحتمس الثالث بتغيير كثير من أوضاع المناطق الفلسطينية، حيث عقد معاهدات صلح وحماية مع الكثير من المدن والمقاطعات، ومنها جبيل، وصور، وعكا، وحازور، وجازر، ولخيش، وعسقلان، وغيرها. وقد كتب ولسون في هذا السياق فقال:
“وأقام تحتمس في آسيا حكما عسكريا وسياسيا، وعين مندوبا ساميا للمنطقة كلها، ومفتشين مقيمين في المدن الهامة للإشراف على الأمراء المحليين، وجعل من غزة في فلسطين المركز الرئيس للإدارة. فإن هذه المدينة لم تثر على تحوتمس الثالث في أيام موقعة مجدّو، ولم تذكر بين المدن التي أخضعها. وكان في غزة القديمة حصن من النوع الذي يطلق عليه الآسيويون اسم (مجدل) واستخدمها المصريون لتكون مركز السيطرة على أول الطريق الرئيس الذي يسير إلى فلسطين وسورية. وعلى هذا الطريق كان يسافر مبعوثو الملك إلى جمع البلاد الأجنبية.”(جون ولسون، الحضارة المصرية، ص 298).
كما سيطرت مصر بعد هذه المعركة سيطرة كاملة على أهم الطرق التجارية في ذلك الوقت، وهي (طريق حورس، وطريق الملوك) البريين. كما سيطرت على الطريق البحري الذي كان يربطها بعكا وصور وبيبلوس وأوغاريت. وهذه الطرق البرية كانت ضرورية لمصر لأنها كانت تنقل صادرات مصر من الحبوب والقطن ولحم البقر وغيرها، إلى فلسطين ومناطق سورية الشمالية المختلفة، وأرض الرافدين. وفي الوقت نفسه تستورد بواسطة هذه الطرق التجارية الزيت والزيتون والأخشاب وغيرها.
وقد كانت فلسطين وهي من أرض كنعان، تعتبر من أهم المصادر الرئيسة للحبوب والزيوت والعطور والأخشاب والنحاس والأحجار شبه الكريمة، والتحف وبعض أنواع الأسلحة، والأنعام والحيوانات المختلفة والجياد.
وبعد وفاة تحتمس الثالث، تولى حكم مصر من بعده أمنحوتب الثاني (1448 - 1420ق. م.) وقام بثلاث حملات على بلدان آسيا، كانت آخرها خاصة بأرض كنعان، وفي عهده كانت مَجِدّو قاعدة مصرية هامة، وفقا لما دلت عليه التنقيبات الآثارية في هذه القرية، وكما تدل مكتشفات تَعْنكTa’anak الأثرية أيضا.
ومن بعده جاء تحتمس الرابع (1420 -1411 ق. م.) وكان يلقب ب (فاتح أرض خارو) أي حورو، وهو الاسم الشائع لفلسطين عند الفراعنة، ويعتبر تحتمس الرابع آخر الفراعنة في هذه الفترة، الذين قادوا حملات عسكرية إلى أرض فلسطين.
وقد حكم مصر من بعده عدة ملوك، كان أكثرهم يكتفي بإدارة أرض كنعان عن بعد، وبقي الأمر كذلك حتى نهاية حكم الفرعون مِرْنفتاح (Merneptah 1225 - 1215 ق. م.)، أخذت بعده السيطرة المصرية على أرض كنعان في الاضمحلال، لمدة تقرب من قرن من الزمان، حيث ظهرت في هذه الفترة القوة الأشورية، كقوة صاعدة تفرض سيطرتها على المنطقة.