أنت هنا

قراءة كتاب في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم

في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم

كتاب " في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم " ، تأليف نزار أباظة ، والذي صدر عن دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

الاستقبال

نحن الآن نقف خارج يثرب مع الصحابة ننتظر قدوم رسول الله، علمنا أنه خرج من مكة مهاجراً منذ أيام، وقد آن له أن يصل.. هذا هو اليوم الثالث أو الرابع الذي نخرج فيه منذ انبلاجة الضوء في الصباح. بعضنا يعلو سطوح المنازل، وبعضنا الآخر يتربص تحت ظل النخيل، وعيوننا تتأمل الأفق البعيد تنتظر أن يطلع علينا الرسول.. نحدّ البصر، فلا يرجع إلينا إلا بمرأى الصحراء الممتدة بالرمال.. قلوبنا تتلهف، وكثير منا لا يعرف شخص الرسول.. نرسم صورته في خيالنا على ما وصفه لنا الواصفون، نخرج كل يوم، ثم نعود إذا ارتفعت الشمس التي تغلبنا وتسوط رؤوسنا.

مع الحشود الواقفة التي تجمعت للقاء الرسول لفت نظرنا طفل في نحو العاشرة أو الحادية عشرة، إنه زيد بن ثابت.. كان متلهفاً، شديد التلهف، لا تهدأ حركته، ينظر معنا في الأفق..

أترك الكلام لزيد هنا..

قال زيد:

وطال الانتظار حتى أتعبنا حرّ الشمس في ذلك اليوم الصائف[1]، فعدنا إلى منازلنا..

يهودي نادى من أعلى أُطُمه[2]، وقد رأى الركب من بعيد يرفعه السراب:

- يا بني قَيْلَة.. يا بني قيلة.. هذا جدكم قد جاء.

وما إن لامس هذا النداء آذاننا حتى خرجنا أرسالاً[3]نتصايح، وأنا أتراكض مع لِداتي، نسبق الكبار إلى أطراف البلدة، حيث طريق مكة.. كان الكبار يخبُّون[4] رجالاً ونساء:

- هذا رسول الله.. هذا رسول الله قد جاء.

ملأ كلامنا أجواء يثرب، ورددت صياحنا طرقاتها وتجاوبت معه النخلات الباسقات، وانبعثت به أسطحة الدور.. قال الكبار: لم يأت على يثرب مثلُ هذا اليوم، ولا عُرفت ساعة مثل تلك الساعة التي اضطربت لها القلوب فرحاً، وابتهجت الأسارير.. وكانت قلوبنا تخفق بالحب، وبروعة اللقاء..

أقبل ركب رسول الله يتهادى من البعد، وكان معه جماعة في نحو سبعين راكباً، يحملون لواء يتحرك مع النسمات الواهنات، توقفوا في ظل نخلات خارج البلدة، حيث كنا نتجمع في حشود أكثر من خمس مئة إنسان، خرج كبار يثرب كلها، لم نعرف أيهم الرسول؟

قعد رجلان في ظل نخلات.. ووقف الباقون الذين لم يكونوا من أهل يثرب..

تهامس من ورائي ناس:

- أي الرجلين الجالسين رسول الله؟

- لا أدري!

لم تطل الوقفة بنا حتى قام أحدهما يظلل الآخر بردائه من حر الشمس، فعرفنا أن الجالس هو الرسول.

الصفحات