أنت هنا

قراءة كتاب في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم

في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم

كتاب " في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم " ، تأليف نزار أباظة ، والذي صدر عن دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 6

الجمعة الأولى

قال زيد:

وحين ارتفع النهار أول يوم جمعة أتت على رسول الله في مقامه بعد أربعة أيام في قباء ونحن نتردد إليه.. قام فركب راحلته وأبو بكر رديفه.. وكان أرسل إلى ملأ من بني النجار خؤولته، فجاؤوه مسرعين يتقلدون سيوفهم، فسار نحو المدينة، وهم محدقون به، والناس يتنازعون زمام ناقته تعظيماً له وإكراماً ومحبة، وكنت أسعى مع الصغار، يملأ الحب قلبي وبصري.. ولم يبق أحد من المسلمين في بيته.

وأدركته صلاة الجمعة في بطن وادي رانوناء، فصلاّها بمن معه من المسلمين، فاستقبل بهم بيت المقدس..

سمعت يهودياً يتهامس مع آخر وكنت مع الأولاد في أطراف القوم:

- أهو النبي المذكور في التوراة؟

- اسكت.. لا تقل شيئاً.. إنه هو..

كانوا يراقبونه بأعين الحذر.

وخطب النبي في المصلين، وكان أَمَرَ رجلاً أطول الناس قامة وأنداهم صوتاً أن يبلِّغ عنه بعد كلامه يرجِّعه، فقال:

«أما بعد أيها الناس..

فقدموا لأنفسكم، تعلمُنّ والله ليُصعقَن أحدكم ثم ليدعنَّ غنمه ليس لها راع، ثم ليقولن له ربه وليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه: ألم يأتك رسولي فبلّغك!؟ وآتيتك مالاً، وأفضلت عليك، فما قدّمت لنفسك؟ فلَينظرن يميناً وشمالاً فلا يرى شيئاً، ثم لينظرنّ قدامه فلا يرى شيئاً غير جهنم، فمن استطاع أن يقيَ وجهه من النار ولو بشق تمرة فليفعل. ومن لم يجد فبكلمة طيبة؛ فإنّ بها تجزى الحسنة عشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف، والسلام عليكم وعلى رسول الله ورحمة الله وبركاته».

ثم خطب الناس مرة أخرى، فقال:

«إن الحمد لله أحمده وأستعينه، نعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إن أحسن الحديث كتاب الله تبارك وتعالى، قد أفلح من زيَّنَهُ الله في قلبه، وأدخله في الإسلام بعد الكفر، واختاره على ما سواه من أحاديث الناس؛ إنه أحسن الحديث وأبلغه، أحبوا ما أحب الله، أحبوا الله من كل قلوبكم، ولا تملّوا كلام الله وذكره، ولا تقسُ عنه قلوبكم؛ فإنه من كل ما يخلق الله يختار ويصطفي، قد سماه الله خيرته من الأعمال، ومصطفاه من العباد، والصالح من الحديث، ومن كل ما أوتي الناس من الحلال والحرام؛ فاعبدوا الله، ولا تشركوا به شيئاً، واتقوه حق تقاته، واصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم، وتحابوا بروح الله بينكم، إن الله يغضب أن يُنكث عهده.. والسلام عليكم».

تأثرنا لهذا الكلام.. بكت نسوة حاضرات.. مسحن دموعهن بأطراف أثوابهن.. وخشع الرجال، كنت أنظر في الوجوه فأرى غير الوجوه التي أعرف.. وغير التي توقعت.. كانت وجوهاً تتلألأ..

الصفحات