أنت هنا

قراءة كتاب في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم

في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم

كتاب " في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم " ، تأليف نزار أباظة ، والذي صدر عن دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 9

الاستقرار

بعد تلك الأيام الأولى تابعنا نحن الحياة في رحاب رسول الله r مع الناس كلهم.

غيّر النبي سريعاً اسم يثرب فدعاها المدينة، بدأت مرحلة جديدة.. وهي مرحلة بناء الدولة الإسلامية في عاصمتها المدينة، في حضارة لم يعرف مثلها العرب، ولم تشهد الدنيا نظيرها من قبل في نظامها ولا قانونها ولا حياتها.. ولا في سرعة قيامها، لم يشيّد الرسول العمران، وإنما بنى الإنسان، خليفة الله في الأرض ليقيم فيها العدل، ويدفع الظلم، ويعرف الحقوق ويقوم بالواجبات. إنسان لا يهدأ ولا يستقر قبل أن يرفع راية التوحيد التي نشرت المساواة والعدل فازدهرت الحياة..

كان على الرسول برنامج طويل حافل.. سيتحرك من أجله بالليل والنهار، فيعلّم الناس ويشرع لهم، ويبدأ بهم الطريق ليكملوه من بعده. فكانت دولة المدينة متكاملة، لها خططها في مجالات السياسة والاجتماع والعمران والاقتصاد والدبلوماسية والإدارة.

ومع هذا كله.. وقبل هذا كله واجه النبي r بيئة مقعدة، ليست كبيئة مكة؛ بيئة فيها أكثر من دين وعقيدة، وفيها حياة متنوعة في مظاهرها وقضاياها وثقافاتها المختلفة والأنماط البشرية.. وهذا يحتاج إلى أسلوب خاص من التصرف وشخصية قيادية عالية فريدة؛ لتنجح بإقامة دولة مستقرة، في أوضاع تحكمها ظروف قاسية، لا تملك إمكانات مادية ولا بشرية كافية..

فاستطاع رسول الله أن يؤلف من هؤلاء ومما بين أيديهم قوماً حملوا المسؤولية، بعد أن كانوا مشتتين ضعفاء فقراء {هُوَ الَّذِي أيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (*) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 8/62-63] ، وقد مدح الله الأنصار أهل المدينة بثناء بقي أبد الدهر {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *} [الحشر: 59/9] ، {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ *} [التوبة: 9/100] .

ومدحهم رسول الله كذلك، فقال: «الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلاَّ منافق، فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله».

وقال: «الأنصار كَرِشي وعيبتي»[12]. وقال: «لولا الهجرة لكنت أمرأً من الأنصار» ودعا لهم من كل قلبه، فقال: «اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار».

الصفحات