أنت هنا

قراءة كتاب الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن

الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن

كتاب " الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن " ، تأليفد.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 9

ب-الإرهاب الدولي

يأخذ هذا النوع من الإرهاب حيزاً كبيراً من الاهتمام الدولي.وكان للإعلام العالمي، وخاصة الغربي، دوراً هاماً في إبراز هذه الظاهرة وإعطائها في بعض الأحيان أبعاداً شيطانية لم تكن في الحسبان، حتى صدق المنجمون وبدأ الأمريكيون بعد أحداث نيويورك وواشنطن يعانون من أعراض باكتريا الجمرة الخبيثة، دون أن يدري أحد، حتى تاريخه، أي شيء عن مرسلي الطرود المجرثمة.

كان الشرط البلجيكي من أول البوادر لقمع الإرهاب الدولي[29]، ثم جاءت اتفاقية عام1937م من أجل((الوقاية وقمع الإرهاب))والتي وقعت في إطار عصبة الأمم لتحاول أن تضع تعريفاً للإرهاب[30]وطرق مكافحته.لكن أياً من الدول لم تصادق على هذه الاتفاقية، لذا لم تدخل يوماً حيز التنفيذ.ولم يكن نصيب الاتفاقية الثانية، والتي تم نقاشها في الوقت ذاته، والتي كانت تهدف لإنشاء محكمة جنائية دولية لمحاكمة الأفراد الذين يقومون بأعمال إرهابية، أفضل بكثير، حيث صادقت الهند فقط على ميثاقها الأساسي.

على أن الحرب العالمية الثانية وما تبعها، كان قد شحذ همة منظمة الأمم المتحدة للتصدي لظاهرة الإرهاب الدولي، فأنشأت لجنة مكونة من(35)عضواً لدراسة مسألة الإرهاب الدولي[31].

شكلت اللجنة الخاصة بالإرهاب الدولي ثلاث لجان فرعية؛ كان على الأولى أن تتصدى لتعريف الإرهاب، وعلى الثانية أن تعرّف الأسباب الكامنة وراء الإرهاب، وعلى الثالثة تحديد الإجراءات الكفيلة بالوقاية من الإرهاب.

وقامت مجموعات العمل هذه، خلال ثلاث دورات عقدت عام1973م وعام1977م وعام1979م، بإعداد تقارير ودراسات، وتوصلت إلى بعض النتائج[32].إلا أن مايظهر بوضوح من قراءة هذه التقارير هو:

1ً-حالَ التناقضُ بين الدول، وتعدد المفاهيم حول الإرهاب، وعدم القدرة على إعطاء تعريف موحد لهذه الظاهرة[33].

2ً-لم تكن الأسباب الكامنة وراء الإرهاب من العوامل التي ساهمت في توحيد موقف الدول الأعضاء.فالبعض كان يرى أن الفقر والعوز، إضافة إلى تدخل الدول بعضها في شؤون بعض، هو سبب كامن وحقيقي وراء الإرهاب، حيث تسعى بعض الدول لخلق فتن داخلية، وتغذي قواعد تعمل على زعزعة نظام قائم بهدف تقويضه مستقبلاً.ورأى البعض الآخر في عدم الحصول على حق تقرير المصير سبباً للإرهاب الدولي.وكان لفريق ثالث رأي بأن نقص الديمقراطية في بعض الأقاليم هو وراء ظهور الإرهاب.

3ً-لم تستطع الدول أيضاً الاتفاق على طرق محددة للوقاية من الإرهاب، فبعضها كان يصرّ على ضرورة التزود بترسانة قانونية دولية لقمع صور الإرهاب المختلفة، إضافة إلى ماتراه الدول ضرورياً من تشريعات في الإطار الوطني.بينما رأت دول أخرى أن خير وسيلة للوقاية من الإرهاب هي القضاء على أسبابه، مثل وضع حد للاستعمار، وعدم تدخل الدول في شؤون دول أخرى، وغيرها من الأسباب الكامنة وراء الإرهاب.على أن توصيات الدورات الثلاث كانت قد اتفقت على ضرورة الانضمام إلى الاتفاقات الدولية الموجودة لمحاربة أية صورة من صور الإرهاب، وعلى ضرورة احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها، وعلى تشجيع التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب؛ ذلك بعد أن شددت على ضرورة إيجاد تعريف جامع ومانع لهذه الظاهرة، وعلى ضرورة محاربة أسبابه.

ولم يقتصر الأمر على ماقامت به هذه اللجنة من أعمال، بل ساهمت الجمعية العامة بمجموعة من توصياتها بدعم جهود الدول لتعريف الإرهاب والقضاء على أسبابه.كما لم يتأخر مجلس الأمن، وخاصة بعد حوادث11أيلول2001م في الولايات المتحدة، عن الإدلاء برأيه، فأصدر القرار رقم(1373)والمتعلق بحث الدول على الانضمام إلى اتفاقية تحويل الإرهاب[34]والتي كانت الجمعية العامة قد تبنتها عام1998م.

لكن ماترجم من أمانٍ دولية، اقتصر على منحى واحد فقط، وهو تبني اتفاقات قمع لصور الإرهاب الدولي وقريباً تمويله[35]، دون أن تهتم هذه الأدوات بتعريف موضوع بحثها، وإيجاد حلول للأسباب الموجبة لهذا الإرهاب، ولا حتى تحديد هذه الأسباب والاتفاق على خطورتها أصلاً.فأصبح لدى المجتمع الدولي ترسانة قانونية تتعقب الإرهاب بعد وقوعه، دون أن يعي من له القرار أن جزءاً من الإرهاب يمكن القضاء عليه بالقضاء على أسبابه[36].

جـ-العلاقة بين الإرهاب الدولي والإرهاب الداخلي

كشف العديد من التقارير المقدمة من رجال الأمن والاستخبارات في أوروبة، أن ماكانت تعانيه بعض الدول من إرهاب داخلي، كفرنسا وألمانيا الغربية وإيطاليا وإسبانيا، في السبعينيات والثمانينيات، ليس إرهاباً داخلياً فحسب، إذ كانت الجماعات الإرهابية تتعاون بعضها مع بعض تعاوناً لوجستيكياً وعقائدياً، إلى حد نشوء ظاهرة سماها بعض المحللين(Euro-terrorisme)أي الإرهاب الأوروبي.ويرى بعض المهتمين بشؤون الإرهاب أن هذا التعاون لم يقتصر على جماعات تحمل الأيديولوجيات نفسها، بل إن هذا التعاون كان قائماً بين جماعات تحمل أفكاراً سياسية متناقضة تتراوح بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، لكنها تجتمع على تحقيق هدف محدد ومباشر من خلال بعض العمليات الإرهابية.وبذلك يقترب مفهوم الإرهاب الداخلي من الإرهاب الدولي اقتراباً كبيراً.

ويبدو أن ماعانت منه بعض دول أوروبة من امتداد الإرهاب، تعاني منه الكثير من الدول الأخرى، حيث يعدُّ تدخل بعض القوى في الشؤون الداخلية لدول أخرى ومحاولتها تغذية معارضة في بعض الأحيان مستحيلة، والتي يصبح سلوكها كله عمليات عنف وإرهاب هي ظاهرة يمكن اعتبارها إرهاباً داخلياً ممتداً في مسبباته نحو الخارج.

الصفحات