أنت هنا

قراءة كتاب الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن

الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن

كتاب " الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن " ، تأليفد.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 10

ثالثاً-من يقترف الإرهاب؟

إن نظرة سريعة للاتفاقات الدولية بشأن الإرهاب، وإلى معظم التعاريف التي أعطيت له، تشير إلى أن هذه الظاهرة هي أمر خاص بالأفراد والمنظمات، أو حركات التحرر والحركات الثورية دون الدول.وعليه فإن السؤال الذي يطرح نفسه بعد قراءة سريعة للأحداث التي وقعت بعد الحرب العالمية الثانية، كشريحة تاريخية، هو:هل يمكن إقصاء الدول عن الإرهاب أم لا؟

في الحقيقة، لايثير إرهاب المنظمات وحركات التحرر الوطني أو الحركات الثورية أي نقاش، لكن المشكلة تكمن في الدول التي تلجأ لاستخدام العنف لتحقيق غرض ما لاتستطيع أن تحققه بوسيلة أخرى.وبذلك يمكن التمييز بين فئتين قد تلجأا للإرهاب:

أ-الإرهاب كأيديولوجية

لاتظهر عادة أية منظمة أو حركة سواء على الساحة الداخلية أو على النطاق الدولي، وكأنها منظمة أو حركة إرهابية، بل إن الأمر يحتاج إلى عوامل بسيكولوجية وظرفية خاصة، تدفع بهذه الحركة أو تلك إلى الإرهاب.ويعد انقطاع الجمهور عن حركة ما وعدم رغبته في تبني ماتذهب إليه، سواء لعدم اقتناعه بنبل هدفها أو مشروعيته، أو لعدم الشعور بالرغبة في التغيير الذي تطرحه الحركة سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي كشعار لها.وهذا ماحصل في بلاد الباسك الإسبانية مثلاً عندما رضي عدد كبير من أهالي أقاليم الباسك الأربعة بما عرضته عليهم حكومة مابعد فرانكو من حكم ذاتي بدل الاستقلال، مما دفع مقاتلي حركة انفصال الباسك(ETA)إلى التقهقر والعمل سراً وفق منهج إرهابي بحت، فقاموا بالاغتيالات والتصفيات لرجال سياسة، وصحفيين، ورجال شرطة، وجيش، وعمدوا إلى نسف مبان وسرقة متفجرات وتخزينها، وإلى ضرب مصالح كل من لايشاطرهم الرأي.كما يعدّ تراجع اليسار الفرنسي بعد أحداث أيار عام1969م وخيبات أمله بتطور مجتمع اشتراكي يحذو حذو الكتلة الشرقية، هو بسبب وجود عدد من الجماعات التي تبنت العنف المسلح، فبدأت هذه الجماعات تتبع نهجاً خاصاً بها، كان الكاتب ميشيل فيفيوركا(Michel Wieviorka)قد وصفه بأنه تحول لبعض الحركات الاجتماعية أولاً إلى حركات اجتماعية مضادة، ومن ثم تتطور العقلية الإرهابية لديها، ويتجلى ذلك بانقطاع تام عن الجمهور وراديكالية في الخطاب، واختلاط بين الوسائل والغايات، فلا يعود هناك تمييز بينها، وتبدأ الجماعة بالانفصال التام وجوداً وحركة عن المجتمع الذي تعيش فيه[37].

في هذا الإطار يمكن وضع معاناة العرب الأفغان الذين وصلوا إلى مصر وغيرها من أقطار عربية، في الإطار نفسه، حيث تصبح الأيديولوجية غير ملائمة لحركة المجتمع فيسقط أتباعها في عنف مسلح غير مجد.

لكن لابد من الإشارة إلى أن الانفصال عن المجتمع والتقوقع على الذات، ليس ناتجاً دائماً عن انقطاع حر ومتعمّد عن الجمهور؛ بل قد يحصل ذلك الانقطاع نتيجة ضغوط شديدة تمارس ضد حركات ثورية أو حركات انفصالية وغيرها من تنظيمات، من قبل الحكومات المعنية أو من قوى الاحتلال، والتي تدفع بها إلى الانكفاء على الذات، وتطوير نهج خاص منقطع عن الجمهور، يلجأ إلى العنف المسلح كوسيلة للاستمرار والتعبير عن الذات.وهذا ماحصل مثلاً مع الجيش الأحمر الإيرلندي، الذي أصبح منظمة إرهابية بسبب الضغط الذي مارسته عليه بريطانيا منذ بدايات القرن الماضي وحتى التسعينيات منه، ضغط لم يسلم منه حتى الجناح السياسي لهذه الحركة(شين فين).ويرى الكثير من المراقبين أن ماحصل ويحصل في الجزائر حتى اليوم في جزء منه يمكن أن يصنف في هذا الإطار.

ب-الإرهاب وسيلة

تلجأ بعض الدول إلى الإرهاب عند عجزها عن تحقيق مآربها بصورة أخرى تقل عنفاً أو بالطرق السلمية.كما أن المنظمات وحركات التحرر الوطني والحركات الثورية قد تستعير هذا الأسلوب لقضاء بعض أغراضها.

1-إرهاب الدول

تطلق بعض الدول صفة الإرهاب على دول أخرى وتنعتها بالإرهابية.بل وصل الأمر بالولايات المتحدة الأمريكية إلى حد وضع قائمة تعدّد فيها الدول الإرهابية.وتعيد تقييمها هذا كل عام ليتغير بحسب تطور علاقتها مع هذه الدولة أو تلك، سلباً أم إيجاباً.

على أن إعداد مثل هذه القوائم لايعدّ دقيقاً أو صحيحاً من الناحية القانونية، وذلك ليس لجهة صحة أو عدم صحة ماورد فيها من اتهامات، لأن الغاية من إعدادها معروفة سلفاً، بل لأن الدول في نظمها السياسية قد تأخذ الشكل الديمقراطي أو الدكتاتوري، وقد تكون دولة غير معتدية أو متعدية، أي استعمارية لاتحترم حدود الدول الأخرى وأمنها، بل ترى حدودها مكان تحقُّق أمنها.لكن كل هذه الدول قد تلجأ، أحياناً أو بكثرة، إلى الإرهاب.فالإرهاب ليس نظاماً سياسياً، بل تهمة قد تلحق بدولة أو بأخرى بسبب شيوع المصطلح، وكثرة تداوله إلى حد التعميم، وخاصة في عالم غلبت عليه مصطلحات سياسية شبه موحدة.

الصفحات