قراءة كتاب حرية النشر و إشكالية الرقابة على الفكر

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
حرية النشر و إشكالية الرقابة على الفكر

حرية النشر و إشكالية الرقابة على الفكر

كتاب " حرية النشر و إشكالية الرقابة على الفكر " ، تأليف محمد عدنان سالم ، والذي صدر عن دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 5

4- حرية الرأي والتعبير في الدساتير العربية

كل الدساتير العربية نصت على حق مواطنيها في حرية الرأي والتعبير. ولئن اختلفت فيما بينها بالطرائق التي صيغت بها كفالة هذا الحق، فقد اتفقت كلها على تقييده بشروط أوكلت تحديدها إلى القانون، الذي تولى بدوره صوغها بقوالب عامة وحمَّالة أوجه؛ تفرغ النصوص الدستورية من مضامينها، ليسهل على السلطة الإدارية قضمها في ظل تغييب رقابة السلطة القضائية.

إن تقييد الحرية- أي حرية- ليس عيباً بحد ذاته، فلا توجد حرية مطلقة، ولو أطلقت الحرية لكل إنسان في مجتمعٍ ما لتعارضت حريات أفراده وتصادمت، وذلك ما عبر عنه الرسول r في حديث السفينة، التي همَّ أحد ركابها في الطابق السفليِّ أن يثقب فيها ثقباً يستقي منه الماء؛ بذريعة أن الثقب سيكون في سهمه، ومن حقه أن يصنع فيه ما يشاء.

قال رسول الله r: "فإن أخذوا على يده نجا ونجوا جميعاً، وإن تركوه هلك وهلكوا جميعاً".

وما من حق إلا ويستدعي وجود واجب في مقابلته، وما من حرية إلا وتستدعي مسؤولية على قدرها.

إنما القضية تكمن في المقاصد، فإن كان القصد من الاستثناء والتقييد تلافي الأضرار التي قد تنجم عن الحرية المطلقة، ضاقت ثقوب الغربال وأُحكمت حتى ليستبقي فيه كل مفيد نافع، وينفي عنه كل خبيث وضار. وإن كان القصد من الاستثناء التخلص من حرية التعبير وما تجره من أعباء الإصغاء إلى الآراء المعارضة ومناقشتها، اتسعت ثقوب الغربال حتى لا يبقى منه إلا الإطار والشكل، ويغيب المضمون. وهو - لعمري- ما اختارته أنظمة الدول العربية أحادية الاتجاه في معظمها، حين نصت دساتيرها على ضمان حرية التعبير في حدود القانون، أو بالشروط التي يحددها القانون، فتركت للقانون تنظيم هذه الحرية، من دون أن تقيده بأي ضوابط محددة، لتعطي السلطات هامشاً في التحكم بهذه الحرية، فتعديل القوانين أيسر عليها من تعديل الدساتير، ويمكنها أن تحول حرية التعبير إلى شعار أجوف ترفعه الدساتير وتغيبه القوانين.

وينفرد الدستور القطري من بين الدساتير العربية بغياب أي ذكر لحرية الرأي والتعبير كمبدأ عام، مكتفياً في مادته 13 بالنص على أن " حرية النشر والصحافة مكفولة وفقاً للقانون". كما ينفرد الدستور اللبناني بالنص على حرية الطباعة، و ينفرد الدستور السوري بمنح المواطن حق الإعراب عن رأيه بحرية وعلنية؛ بما يضمن سلامة البناء الوطني والقومي ويدعم النظام الاشتراكي.

وينص القانون الأساسي السعودي في مادته 36 على أن تلتزم وسائل الإعلام والنشر وجميع وسائل التعبير، بالكلمة الطيبة، وبأنظمة الدولة، وتسهم في تثقيف الأمة ودعم وحدتها، ويحظر ما يؤدي إلى الفتنة أو الانقسام أو يمس بأمن الدولة، وعلاقاتها العامة، أو يسيء إلى كرامة الإنسان وحقوقه، وتبين الأنظمة كيفية ذلك.

الصفحات