كتاب " جنكيز خان الأنوثة والسيف " ، تأليف نعيم عبد مهلهل ، والذي صدر عن دار نينوى للدراسات وا
أنت هنا
قراءة كتاب جنكيز خان الأنوثة والسيف
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
((وحتما نحن ذهبنا لأنَّ الجوع أتى إلينا)). تلك كلمات (جنكيز خان) وفيها من الحكمة الكثير، ولكنها كما يقول مولانا (بهاء الدين قندهار (رحمه الله)): ((حكمةٌ مصنوعةٌ من قساوة الروح والجسد.))
كثيراً ما يذكر معلم المرحلة الأولى في مدرسة القرية اسم الفاتح العظيم (جنكيز خان). يذكره فقط دون ألقاب أو حاشية عدا ما هو موجود أمامه من صفاتٍ للغازي (خان) في كتاب التاريخ المنهجي الذي وضعته لجنةٌ معتمدةٌ من معهد الدراسات الشرقية في العاصمة موسكو. وهذا يعني في اكتشافٍ متأخر لي: إن التاريخ يخاف كثيراً من الأيدلوجيا و(جنكيزخان) في العرف الشيوعي طاغٍ ومحتلٍ ودكتاتورٍ. لهذا يتحاشى المعلم ذو الأصول المغولية المديح لرجلٍ له مهابة في قلوب الجميع.
أدرك هذا، وأذهب بخطى البحث عن تاريخ الحشود الأولى للجراد المغولي الذي سيلتهم الأرض بعد حين.
أفكر بالقرى وبالجبال الشاهقة في علوٍّ ثلجيٍّ وبكثبان رملٍ لصحارى قَدَمَيَّ وهما تفتشان عن مغزى إصرار أبي أن أحمل اسم أكبر أبناء (جنكيز خان).
وأتذكر أيام تكية بخارى حيث ولعي بروح التصوف والانبهار وقراءة المستشرق من الشرق والطالع من الساطع. والنور من البلور.
شيخ القرية قال: تحتاج إلى عمامة لتذكرنا بتوبة أجدادنا من سفك دماء دجلة.
طالما تمنيت أن أسبح في مياه دجلة وأعتذر لها عن الدم المسفوك على دوارق الماء وعن إحراق كتب بيت الحكمة.
ولكن مرت عصور وعصور، والاعتذار لم يعد مقبولاً وربما كان مقبولاً يوم اعتنق أجدادنا الإسلام.
تغوص القرى في خيال الليل ويتلون الضوء بمشاجرة الغيم لقمم الجبال المتكئة على أكتاف سماءٍ قاتمة. الرياح تعبث بتسريحة الأشجار القصيرة، واليراعات المضيئة تسافر بعناية بين أثر قدم الحرباء وأجفاني وهي تحث خطا المشي للوصول إلى أقرب قريةٍ يلوح ضوءها على بعد فرسخٍ.
صوت مندلوين من نهاية نفق الريح المندفعة أمامي كخيال من الهمس.
يتراءَ لي سير الأسلاف وحشودهم إلى ما يبتغون. الخان الأول يطلق شخيره. والقادة يُصَفِّرُونَ قتلاً للوقت وانتظاراً لحسمٍ قادم في عشرات المعارك.
فجأة يستيقظ الخان: ويسأل إن كانت (سمرقند) هي الجنة.
فيرد العراف: لا أعرف. أرى الجنة في كأس يا مولاي.
(جنكيز) (يغضب) ويرفس عرافه بمقتله ويصرخ: (جنة الكأس لحظةٌ وأنا أريد جنة المكان.)