كتاب " أزمة النخب العربية " ، تأليف د. حسن مسكين ، والذي صدر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
أنت هنا
قراءة كتاب أزمة النخب العربية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

أزمة النخب العربية
كما يمكن أن تكون هذه المبادرات الجريئة التي أقدم عليها المثقفون والمفكرون والسياسيون المغاربة بمباركة واعتراف السلطة، بل وتأييدها مثالاً يحتذى في بلداننا العربية التي ترغب في تصحيح علاقة المثقف بالسلطة، وإعادة الاعتبار لدور المثقف العربي الذي ظل مستبعداً في القرارات المصيرية لمجتمعه. وليس معنى ذلك أن يتخلى هذا المثقف عن دوره النقدي، ومبادئه السامية بل على العكس من ذلك عليه أن يجسدها في برامجه ومواقفه ومشاريعه بالمساءلة والنقد والتوجيه والمبادرة، حتى لا يظل هذا الأخير مجرد صدى لما تمليه السلطة، وإنما عليه أن يخلق تصوره ومشاريعه ويعمل على إنجازها بما يعود على الشعب العربي بالنفع الدائم غير المرتبط بحدث عابر أو سياق ظرفي أو طارئ.([4])
إننا نقر أن الثقافة والتنمية حرية وديموقراطية قبل كل شيء وهي أيضاً نتاج داخلي، وسياق مجتمعي، ومناخ سياسي ملائم يرعى تجاربها، ويسهر على ترسيخها لتصبح مثل الماء والهواء لأنها ليست بضاعة تستورد من هنا أو هناك، إنها شروط وجود مكاني وزماني محدد، لا يستنسخ ولا يتكرر خارج شروطه ومقامه الحقيقي. هكذا تتجلى لنا متاهات المنادين بالاحتذاء والاستنساخ أو الاستعارة لنماذج تنمـوية أو ديمـوقراطية أو ثقافية للخروج من وضعنا البائس، بل الأولى تهييء المناخ الكفيل بإخراج هذه الطاقات الكامنة في مجتمعاتنا العربية، بدل تركها تهاجر لتفجر إمكاناتها خارج الوطن.
إن الذي ينبغي التأكيد عليه هنا أن المسألة التنموية لم تعد ترتبط بعامل الدخل أو الإنتاج الاقتصادي فحسب، وإنما تتعداه إلى أبعاد ومستويات أخرى، هي الأساس في تحديد جوهرها، ومستقبلها أيضاً، وكلها تصب في مصلحة الإنسان، من حيث حقوقه وواجباته، وخياراته وآفاقه التي ترسخ سمات الحرية البانية لهذه التنمية والضامنة لاستمرارها وتطورها في خدمته مهما اتخذت من أشكال أو مسميات، مادامت هذه المستويات تصب كلها في صالح المواطن وبناء شخصيته الحرة والمسؤولة في مناخ ديموقراطي، عادل، تتساوى فيه الفرص والإمكانات أمام الجميع لتتم المنافسة الشريفة في مسيرة البناء والنماء، بعيداً عن كل أشكال الحيف أو الإقصاء.
ويبدو أن الأمة العربية الإسلامية، ما تزال تراوح مكانها، رغم محولات عديدة للخروج من دائرة التخلف في ظل وجود إمكانيات بشرية ومادية وطبيعية وفكرية هائلة.
فما هي أسباب هذه الأزمة البنيوية التي ما فتئت تتجذر، وتترسخ في أوطاننا، أعني أزمة التخلف الشاملة؟
- وهل صحيح أن المثقف العربي عجز عن تقديم حلول لهذه الأزمة؟
- وهل صحيح أيضاً أن الخلل كامن في التصورات والمفاهيم أم أن ذلك يرتبط بآليات الإنجاز المعطلة؟
- أين يبدأ دور المثقف وأين ينتهي؟
- وهل صحيح حقاً أن المثقف العربي ضحية ضمن ضحايا السياسات العربية الانفرادية التي لا تؤمن بدور المعرفة، والفكر والثقافة في التنمية؟
- وهل الإجابات التي قدمها المفكرون والمثقفون السابقون عن أزمة التخلف قادرة على حل بعض إشكالات هذا المجتمع اليوم؟

