أنت هنا

قراءة كتاب أمل في الظلام ( حكاية أم مع طفل التوحد)

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
أمل في الظلام ( حكاية أم مع طفل التوحد)

أمل في الظلام ( حكاية أم مع طفل التوحد)

كتاب " أمل في الظلام ( حكاية أم مع طفل التوحد) " ، تأليف خلود خوري رزق ،والذي صدر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 4

ولادة الحكاية

على اعتاب المخاض تولد الحكاية ، تستقبلها الحياة ، تتزعزع بين الذكريات ، تجري في انهار الامل ، تسمو بخصوصيتها نحو الافق

تجسّد الحلم مع أوَّلِ صرخةٍ وُلدت في مملكتي، إذ جسّده وليّ العهد الذي كان هو المولود الثاني لعائلةٍ وُصفت بالسعيدة. عقدنا الآمال..، بنينا هرماً من الأفراح والآمل يبثّ شعاعاً ساطعاً من الأماني...

لم أجد وصفاً يليق بتلك العينَين اللتَين حملتا أمانـي وجمالاً يختلفان كثيراً عن أقرانهما. حملتا نسيم الربيع الذي سبقه في الولادة. وُلد ليُحيي حرارة الشمس، يُقَدّس أشعتها حين تُلقي عليه التحيّة...

لقاؤنا الأول به حمل سعادةً ممزوجةً بشعورٍ يختلف عن إحساسنا بالمولودة الأولى التي سبقته بالوصول لمحطة الانطلاق في مسيرة لا يعلمها الا الخالق. غرس طابعاً خاصاً في وجداننا، وأخفى سعادة الدنيا خارجَ محيطنا ليزرعَها داخلَ قلبه فقط، جعل أيامنا بطيئةً، ولكنها كانت تحمل معها خوفاً ما من شيءٍ ما...

أخَوفٌ هو من الحب، أم من المستقبل المجهول، أو من نظراتٍ عابرة تجرح النفوس!؟ لا أعلم لماذا انتابني هذا الشعور، إنه إحساسٌ لم أفهمه ولم أستطع أن أزيله من مخيّلتي.

هو مَن رفض الحياة منذ الطلّة الأولى، حيث انتهز قوانينها ليجعل لها بنوداً خاصة بشخصه لا يفهمها أحدٌ سواه...

فمنذ الساعة الأولى رفض أن أضمّه إلى صدري لأسقيه حنان الأمومة، وفضّل غذاءً اصطناعياً ليرجعَه في الساعة الثانية على ثيابه، تلك الثياب التي أعددتُها خِصّيصاً لأصطحبه وهو يرتديها عند عودتنا لبيتنا الذي أُعِدّ لاستقبال الزائر الجديد بكل ما تحمله فرحة الاستقبال لكل زائرٍ مُنتظر.

حزنتُ كثيراً ولففته في ثيابٍ خُصِصَت للمواليد الجدد الذين يقيمون في المُستشفى فقط.

عُدنا أدراجنا إلى البيت، وبسمةً عريضةً تحتل وجه زوجي الذي عاش فرحة الحياة حين ناديناه بأبي وسيم، ولم يلحظ الخوف الظاهر في عيوني..

خلال أيامي معه تعلّمتُ أن الحياة تختلف عن البسمة، وأن الفم الذي يُعلن عن ضحكةٍ كاذبة تشهد للعالم بفضله، من الممكن أن يحتفظ لنفسه بأشياءَ كثيرةٍ مكبوتة.

اختلفت أيامه الأولى عن أيام هؤلاء الذين عشقوا الحياة... رفض الطعام وكأنه يحارب أسباب البقاء...

حملت هذه اللحظات خوفاً مبهماً وغريباً، تأكّدتُ من صِحته مع كل يومٍ يمر. هذا ما دعانا لإدخاله للمرّة الأولى إلى غرفة الأشعة لمعرفة سبب إرجاعه للطعام، وكان "الحل" وصفَ حليبٍ خاصٍ له..

الصفحات