كتاب " أمل في الظلام ( حكاية أم مع طفل التوحد) " ، تأليف خلود خوري رزق ،والذي صدر عن مؤسسة الرحاب الحديثة للنشر والتوزيع .
أنت هنا
قراءة كتاب أمل في الظلام ( حكاية أم مع طفل التوحد)
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

أمل في الظلام ( حكاية أم مع طفل التوحد)
رحلة البداية
نحن لا نكتب عن الحياة هي من تكتبنا بضمير الغائب
ذهبت في زيارةٍ إلى طبيب العائلة، لوهنٍ أصابني، متجاهلةً برد الشتاء القارس. كان وسيم لم يبلغ شهوره السبعة بعد، في ديسمبر سنة 2000. حملتُه معي لأني لا أود مفارقته حتى عند الطبيب، كانت نظرات الطبيب مُوجّهة نحو طفلي وهو يكتب لي وصفته الطبية. كان غارقاً في فكره وقال لي:
"هذا الطفل يعاني من مشكلة ما.. إبحثي الأمر عزيزتي".
تلك كانت الصدمة الأولى في رحلتي.. رحلتنا نحن وطفلنا.
يبدو أن المتألم وحده يحمل ثقل أَلَمه..
لم أتذكر من كلمات الطبيب الكثيرة التي أظهرت خبرته ومعرفته سوى القاسي منها، والذي ترك أثراً عميقاً في نفسي.
في أعقاب هذه الزيارة بدأنا، أنا وزوجي، بالبحث عن مراكز متخصّصة لإدراك ما يحدث مع طفلنا، ولنتعلم قليلاً عن كيفية التعامل مع طفل التوحّد دون إيذائه أو زيادة ألمه، لأنه يحتاج – وكان هذا واضحاً - لكثيرٍ من الاهتمام وقليلٍ من الحَيرة.
كانت رحلتنا شاقةً ومريرة، وأثر علقمها ما يزال في فمي وكياني..
كدتُ أنـسى أنني أعيش وسط عائلة، واقتـصر تفكيري واهتمامي وحياتي في الاهتمام بالـسرِّ العظيم الذي تجسّد في طفلٍ لم يكمل السنة الأولى بعد من حياته...
في نهاية السنة الأولى تردّدتُ كثيراً إلى مراكز علاج النطق، ظناً منا أن المشكلة لا تتعدى التأخر البسيط في الكلام، وعشنا على أمل شفائه من مرضٍ لم نعلم بوجوده بعد..
مرّت أيامنا جافةً ومليئةً بعلاماتِ استفهامٍ لا حصر لها..
في احتفال يوم ميلاده الأول، تمنّى الأصدقاء والأقارب أن يتلفظ طفلي ببعض الأحرف في سنته الثانية.
أخذتُ بالإبتعاد شيئاً فشيئاً عنهم، عن هؤلاء الأصدقاء والأقارب، وأنا التي أحب كثيراً الحياة الاجتماعية والاختلاط .. وارتبطتُ فقط بأسرتي التي كنتُ بحاجةٍ لها أكثر من حاجتي لأي مخلوق على وجه الأرض.... وأكثر من أي وقتٍ مـضى، شعرتُ أنني بحاجةٍ لالتفاف الأسرة حولي.. والاهتمام بهذا الزائر الذي لا يريد، أو لا يستطيع أن يكون سعيداً بيننا.