أنت هنا

قراءة كتاب لورنس في بلاد العرب

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
لورنس في بلاد العرب

لورنس في بلاد العرب

لم تكن الإنجازات المذهلة لثوماس ادوارد لورانس، ذلك الشاب خريج جامعة أكسفورد، معروفة للناس عند انتهاء الحرب العالمية الأولى.

تقييمك:
4.666665
Average: 4.7 (3 votes)
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
ووضعت طاولة في الساحة المفتوحة أمام الغرفة الضخمة للبعثة، وبدأ وولي بتسليم القروش المعدنية للعمال المصطفين في طابور. وكان ذلك بسيطاً، ذلك أن الرجال كانوا يقومون بجلب اكتشافاتهم في يوم دفع الأجور، ويتلقون مكافآتهم النقدية عن كل ما يقدمونه. وبالطبع، فقد كانت العناية بأي جزء يتم العثور عليه من الآثار أبرز ما في عملهم؛ وفي الحقيقة فإن الاكتشافات التي تمت قد أرسلت أخبارها وانتشرت في جميع أنحاء الريف من خلال يوم تسليم الأجور هذا. فهؤلاء الرجال المنقبون عن الآثار سيكافأون على ما قدموه. وسيتلقى بعض العمال عشرة قروش لكل منهم مكافأة لما قاموا به، وربما أكثر من ذلك لتشجيعهم على عملهم؛ بينما سيتلقى آخرون قطعة من آنية فخارية مع ابتسامة من قبل (وولي) فيما زملاؤهم يضحكون عليهم لمحاولتهم تقديم شيء زائف من الآثار ليس حقيقياً، وهم يستمعون إلى تنبيه وولي لهم بأن ذلك هو جزء من جرة ماء حديثة، مع قوله «لا يمكنني أن أدفع لكم شيئاً لقاء ذلك، وإنما سأحتفظ بذلك الشيء كما هو». وبذلك فإنه لن يدفع لهم ولن تعاد إليهم أيضاً تلك الأجزاء. وبين فترة وأخرى كانت قطعة ذهبية تلمع مثل عيون شخص عربي وهو يتسلمها كجائزة لقاء عمل باهر، ولكن سواء تلقى قطعة ذهبية أو ضحكة، فلم يكن قرار سيده وصديقه خاضعاً للنقاش.
 
وعندما كنا ندب بخيولنا عبر السهل على نغمة الأجراس المعلقة في رقاب الخيول، فقد كنا نفكر ملياً بما كنا نراه. فلقد كانت بريطانيا تحكم الكثير من أجزاء العالم، وكان ذلك بالإضافة إلى الاستحقاق والقدرة، بسبب الشعور الطيب الذي يتركه أبناؤها في جميع الأراضي والبلدان.
 
ولقد تعمق هذا الانطباع عند زيارتنا لكرشيمش وكذا عند استقرارنا في القسطنطينية (اسطنبول) ورؤيتنا لجميع نواحي الحرب العالمية؛ حيث شاهدنا اللعبة أو المسرحية الألمانية من أجل تحقيق النصر الكبير، إذ لم يكن الجسر الذي كانوا يقيمونه على نهر الفرات ليشكل أكثر من تمهيد ما لحدث عظيم. إلاّ أنّ الألمان خسروا بسبب الطريقة التي اتبعوها.
 
أما لورنس فقد عمل بطريقة مختلفة. وقد كان إنجازه غير العادي رائعاً وفوق مستوى القياس. غير أنه لم يكن معجزة. بل كان عملاً متفوقاً من الذكاء، والخيال، والقدرات الشخصية.
 
ورغم أن الكاتب روبرت لويس ستيغنسون يستهجن في كتابه «دفاعاً عن الكسولين والعاطلين» كيف أن «العديد من الأشخاص قد استخدموا كتابه بإتقان ويعلمون تماماً بطريقة أو بأخرى ما هي المعرفة المكتسبة المقبولة، ويقرون ويعترفون بهذه الدراسة على أنها كمثل بومة قديمة أو كالديناصور، وتبرهن على جفاف، وحمق، وكآبة في نواح مختلفة من الحياة». ولكنه أي ستيغنسون يجد في لورنس روح شقية، وأن العالِم والدارس يجد فيه ضالته، سواء كان مولعا بالكتب أو شبيها بالبوم.
 
وخلال الأيام المبكرة للثورة العربية، كان النقيب (الكابتن) لويد، وهو الآن السير جورج لويد، الحاكم الحالي لمدينة بومباي، مع لورنس في الصحراء لفترة قصيرة. وقد قال لي مرة: «من الصعب وصف بهجة الزمالة الحميمة مع مثل هذا الرجل. فقد وجدته شاعراً وفيلسوفاً على حد سواء، بل إنه بروفيسور بإحساس قوي من الدعابة».

الصفحات