أنت هنا

قراءة كتاب ضيوف ثقال الظل

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ضيوف ثقال الظل

ضيوف ثقال الظل

كتاب " ضيوف ثقال الظل " ، تأليف جعفر العقيلي ، والذي صدر عن دار الآن ناشرون وموزعون .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 2

وفي الحالتين؛ أي في القصتين، فإن البطل الشاب وافدٌ حديثُ العهد بالمدينة، مفعَمٌ بالآمال الكبار وبالرغبة الجيّاشة في حياة مليئة وعريضة، ويساوره طموحٌ دفين أن يجمع -وفي حياته الجديدة- بين ألفة القرية وسهولة عيشها، وبين حيوية المدينة وجاذبية مباهجها وفُرَصها، لتقع لحظة الارتطام مع الوقائع الأليمة. فالمدينة قد لا توفّر هذه أو تلك المزايا، والكائن فيها مدعوّ لأن يصنع نفسه بنفسه، وأن يشتقّ بجهده ورهيفِ حسه وما يتأتّى له من خبرةٍ، هوامشَ حياته.

ولأن البطل، في الحالتين، متعلّم ومثقّف، فإن كلّاً من القصتين مفتوحة على مزيد من التجارب التي تنتظر البطل، خلافاً لبطل قصة «الجولة الأخيرة»، الذي لم يفلح في تدبر إقامة ناجحة في المدينة، وكان هرب إليها من القرية، تحت ضغط التدخلات في خصوصياته، ليجد نفسه بعد أن فشل مشروعه في دكان صغيرة، يهرب مرّة أخرى من المدينة عائداً إلى القرية، وقد أعياه البحث عن حلٍّ لفشل حياته الزوجية، وكيما ينهمك في تربية أبقار واستيلاد نسلٍ منها.

ليست هذه هي الأجواء أو «الثيمات» الوحيدة في مجموعة جعفر العقيلي، ولكن القصص الثلاث المشار إليها من جملة سبع قصص تضمّنتها المجموعة، تكشف عن انشغالات الكاتب وصَنيعِه الفنّي، فهو معنيٌّ بمعالجة ظاهرة الالتحاق بالمدن، وما ينشأ عن ذلك من صدمات شعورية، حتى لو لم تكن القرى الأردنية بعيدة الشقّة عن المدن، وحتى لو لم يكن الريف منغلقاً على عالمه الخاص. ولعلّ العقيلي يفيد بذلك من تجارب شخصية، وتجارب أخرى كان شاهداً عليها، وذلك في غمرة المرحلة الانتقالية المتسارعة التي يشهد عليها المجتمع الأردني.

وإذ تحتلّ هذه المسألة حيّزاً واسعاً من اهتمامات الكاتب، فإنه ينجح إلى جانب ذلك، في بناء عالم قصصي شديد الثراء والحيوية كما في قصة «الجولة الأخيرة»، وينجح في «ضيوف ثقال الظل» في المزج بين ما هو واقعي وفوق واقعي دون أن تختلّ سيطرته على أدوات القصّ والتشخيص الحسّي للوقائع، ويتقدّم بعدئذٍ خطوة أخرى في ولوج عالم غرائبي، وذلك انطلاقاً من عالم واقعي، وتأسيساً عليه، كما في قصة «ضجيج»، وذلك بالتكثير من وجود سمّاعات التنبيه وانفجارها بالرنين دفعة واحدة، ولئن بدا ذلك غير واقعيّ إلا أنه لا يصعب العثور على سند أو مسوّغ له في الواقع، وذلك لما قد يتسبّب به رنينُ ساعة منبّه واحدة من ضجيجٍ ناجمٍ عن التداعيات التي يولدها الرنين في الرأس والنفس.

ويبرع العقيلي في قصص أخرى مثل «هزائم كبيرة.. هزائم صغيرة»، في ملامسة عالم خشن وبارد وزاخر بالأفخاخ والمحظورات.. وحيث تنعكس الهزيمةُ الكبيرة، كهزيمةٍ شخصية، تُلقي بظلالها الكآبية على نفس شاب غضّ ما يزال على مقاعد الدراسة الجامعية.

تجارب الأجيال الجديدة تطبع أجواء هذه المجموعة المتميزة، وبما يجعلها شهادةً فنية رفيعة على أزمة ومطامح جيلٍ بأسْرِه.

الصفحات