أنت هنا

قراءة كتاب كراهية الديموقراطية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
كراهية الديموقراطية

كراهية الديموقراطية

كتاب " كراهية الديموقراطية " ، تأليف جاك رانسيير ، ترجمة أحمد حسان ، والذي صدر عن دار التنوير للنشر والتوزيع

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
دار النشر: دار التنوير
الصفحة رقم: 3

الكراهيةُ الجديدة للديموقراطيّة التي تشكّل موضوعَ هذا الكتاب لا تتعلّق بالضبط بأيٍّ من تلك النماذج، حتى لو جمعت بين عناصر مستعارةٍ من هذا النموذج أو ذاك. والناطقون باسمها يحيَون جميعًا في بلدان تعلن ليس فحسب أنها دول ديموقراطية، بل كذلك أنها ديموقراطيّات بالمعنى الدقيق. ولا يطالب أيٌ منهم بديموقراطيةٍ أكثر حقيقيةً. بل على النقيض يقولون لنا جميعا أنها أكثر مما يجب. لا يشكو أيُّ واحدٍ منهم من المؤسّسات التي تتظاهر بأنها تجسِّد سلطة الشعب ولا يقترح أيَّ إجراءٍ لتضييق هذه السلطة. لا تعنيهم آليّة المؤسّسات التي أثارت حماسَ معاصري مونتسكيو، أو ماديسون، أو توكڤيل. إنهم يشكون من الشعب ومن عاداته، لا من مؤسسات سلطته. ليست الديموقراطية بالنسبة لهم شكلًا فاسدًا للحكم، بل إنها أزمةُ حضارةٍ تؤثّر في المجتمع وفي الدولة من خلاله. ومن هنا تلك المراوغات التي قد تبدو مذهلةً للوهلة الأولى. إذ أن نفس النقاد الذين يشجبون بلا هوادة أمريكا الديموقراطية هذه التي أتت لنا منها كلُّ شرور احترام الاختلافات، وحق الأقليّات، والفعل الإيجابي [affirmative action] التي تقوّض نزعتنا الكونيّة الجمهورية، هم أول من يصفّق حين تشرع أمريكا هذه ذاتها في نَشْر ديموقراطيتها عبر العالم بقوة السلاح.

الخطاب المزدوج حول الديموقراطية ليس جديدًا، بالتأكيد. فقد تعوّدنا على سماع أنّ الديموقراطية هي أسوأ أشكال الحكم باستثناء كلّ ما عداها. لكنّ العاطفة الجديدة المناهضة للديموقراطية تُقدّم لهذه الصيغة طبعةً أكثر إثارةً للقلق. تقول لنا أن الحكمَ الديموقراطيّ سيّءٌ حين يستسلمُ للإفساد من جانب المجتمع الديموقراطيّ الذي يرغب في أن يكون الجميعُ متساوين وأن تُحتَرم كلّ الاختلافات. لكنّه، على العكس، جيدٌ حين يستنفرُ أفرادَ المجتمع الديموقراطيّ المترهلين بطاقة الحرب دفاعًا عن قيم الحضارة التي هي قيم صراع الحضارات. يمكن، إذن، تلخيص الكراهية الجديدة للديموقراطيّة في أطروحةٍ واحدة بسيطة: ليس ثمةَ سوى ديموقراطيّة جيّدة وحيدة، هي تلك التي تكبحُ كارثةَ الحضارة الديموقراطيّة. وسوف تسعى الصفحاتُ التالية إلى تحليل تَشكُّل، وإبراز رَهانات، هذه الأطروحة. لا يتعلّق الأمرُ فحسب بوصف شكلٍ من الإيديولوجيا المعاصرة. فهذه الأطروحة توضّح لنا كذلك حالة عالمنا وكيف يتمّ فيه فهمُ السياسة. وهكذا، يمكنها أن تساعدنا على أن نفهم إيجابيًّا تلك الفضيحة التي تنطوي عليها كلمة الديموقراطيّة وعلى أن نعاود العثور على ما هو جوهري في فكرتها.

الصفحات