اللون موضوع معقد وهو جزء مهم من خبرتنا الإدراكية الطبيعية للعالم المرئي واللون لا يؤثر في قدرتنا على التمييز بين الأشياء فقط بل وتغير من مزاجنا وأحاسيسنا ويؤثر في خبراتنا الجمالية بشكل يكاد يفوق تأثير أي بُعد آخر يعتمد على حاسة البصر وأي حاسة أخرى.
أنت هنا
قراءة كتاب فلسفة الألوان
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
فلسفة الألوان
الصفحة رقم: 6
ألوان الحزن والفرح
للفنان التشكيلي رؤية فلسفية حول الألوان حيث يقول: أُكثر من استخدام اللون الأزرق في أعمالي الفنية لإحساسي بأنه لون الوقار والهدوء والسكون، وكذلك لون التأمل والتفكير، وكأنك تمتع ناظريك بمنظر بحري من إبداع الخالق على أنغام مقاطع من موسيقى شرقية راقية وأُمزج هذه الزرقة مع خضرة ساحلية بلمسات ملوّحة من شمس الصحراء لإضافة مزيج من الموشحات الأندلسية إلى قارورة العطر الشرقي المعتق. وبالرغم من اعتبار اللون الأسود هو لون الحزن والموت والظلام (حسب ما ذُكر في كتاب الموسوعة العلمية للرسم والتلوين باب سيكولوجية الألوان) إلا أنني أجد هذا اللون هو للأناقة والذوق الرفيع، ويحب البعض استخدامه في الأعمال التصويرية ليس بخاصيته اللونية لكن بانطباعه المرئي هذا باعتقاد بأن لا حقيقي قد يكون محسوساً. ولقد فسر البعض بانتماء اللون الأحمر إلى العشاق والمشاعر الملتهبة لكننا نجده لون الدماء والفراق والتمرد.
أما رأياً آخر حول الألوان ومنظور على التشكيل حيث يقول: أحس بأن اللوحة نابضة بالفرح عندما يحترم الفنان عمله الفني ولا يبخل عليه وتكون اللوحة مشبعة بالألوان المناسبة حتى لا تكون كئيبة وفقيرة لوناً وإخراجاً كما أحس بالحزن عندما أرى اللوحة وأحس أن الفنان وضع أمام عينيه المادة في محاولته لإنجاز العمل في أسرع وقت ممكن تسويقها وبالتالي تفقد هذه اللوحة أهم خصائصها الجمالية بالألوان الباهتة والجامدة وتغيب عنها البطانة اللونية وفي هذه الحالة يكون الفنان قد أساء إلى لوحته خاصة وإلى الفن عامة.
ويضيف: ألوان الفرح بالنسبة لي هي تلك الألوان الزاهية البراقة التي تبهر الإنسان بإضاءتها المفرحة كاللون الأصفر والأحمر والبرتقالي، أما ألوان الحزن فهي الألوان القاتمة والغامقة كالبني والأزرق والأحمر القاني والبنفسجي.
ويستخدم البعض ألوان الحزن حسب الموضوع الذي يتم تناوله ويختلف من مناسبة إلى أخرى كالحروب والاضطهاد والظلم والدمار كما تستخدم ألوان الفرح عندما تكون نفسية الفنان مرتاحة ومبسوطة والفرح يملأ صدره، وكذلك تستخدمها عندما يتناول موضوعاً يتعلق بالأعياد والطفولة، وغالباً ما يجد نفسه يستخدم ألوان الفرح دون أن يشاهد عندما يملأه الشعور بالغبطة والسرور. أما ألوان الحزن فيستخدمها عندما يشاهد الكوارث الطبيعية والحروب وما يمثلانه من بؤس على الإنسانية. إذ نقول إن باللون يمكن للفنان أن يصل إلى أعماق المشاهد، ويخاطب وجدانه ومشاعره، ويؤثر عليه نفسياً وجسدياً.
تعبير تلقائي
بشكل تلقائي لا نقصد فيه الحزن أو الفرح وإنما أحاسيسي تعبر عن ما بداخلي بشكل تلقائي دون التحسب لموقف معين وفي الوقت نفسه أستفيد من الصفة الرمزية للألوان في تكوين العمل الفني التي تعبر عما أريد نقله للمشاهد ولا يتعلق العمل الفني فقط موضوعياً بالألوان في حد ذاتها، وإنما يرتبط بالانطباع الذي تتركه الألوان في نفس الإنسان. إن الروائع الفنية التي أبدعتها عبقرية كبار الفنانين كروفائيل ورامبرانت وفان جوخ هي خير دليل على عمق التأثير الذي تحدثه الألوان في نفس كل إنسان وهي التي تدفع المشاهد إلى الحكم على أي عمل فني والفنان نفسه بأنه يعبر عن الحزن أو رغم تباين الآراء إلا أن الألوان ستظل دائماً إحدى أساسيات الفن التشكيلي التي لا يستطيع أي فنان أن يستغني عنها إطلاقاً مهما تم تقسيمها.. وسيظل لكل منا لونه المفضل الذي يحبذه على جميع الألوان، وستظل الألوان عنواناً للكثير من الأسئلة والأجوبة في حياتنا اليومية.