أنت هنا

قراءة كتاب ماذا جرى للوحش الأبيض؟

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ماذا جرى للوحش الأبيض؟

ماذا جرى للوحش الأبيض؟

الرواية مستوحاة من قصة حقيقية تتحدث عن بحار فرنسي شاب فقد على أحد شواطئ استراليا في منتصف القرن التاسع عشر، وتبنته قبيلة محلية قبل أن تجده سفينة إنجليزية بعد 17 عاما، وخلال هذه الفترة كان قد فقد لغته الفرنسية ولم يعد يتذكر اسمه الحقيقي.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 1
-1-
 
ما إن وطأت قدمه قمم الصخور الشاطئية حتى أيقن أنه وحيد, فزورق الإنقاذ لم يعد مشدوداَ إلى الشاطئ, ولم يعد يتهادى فوق الأمواج التركوازية.
 
فارق القارب الشراعي المرفأ عند مدخل الخليج وما من شراع يلوح في الأفق أغمض عينيه وهزَّ برأسه, لم يعد شيئا" يجدي نفعاَ, لقد رحلوا.
 
خالجه شعورٌ غريبٌ بالذنب فعندما بلغ القاربُ الشاطئ, قسّم المساعد البحارين لثلاث مجموعات ليضاعف فرصهم بالعثور على نبع ماءٍ, ثلاثةٌ بحارين نحو الأشجار المهملة الممتدة على طول الشاطئ, وثلاثةٌ نحو الطرف المقابل للخليج الصخري المنسي أما الباقون فقد أرسلهم للعثور على حفرٍ والبحث عن كهفٍ أسفل الجدار الكلسي. في البدء حمل مع أصدقائه حجارة" مرجانية اللون, ولكن سرعان ما أيقن أن جهودهم ذهبت أدراج الريح إذ أن الأمطار الهاطلة على هذه الأراضي ترشحُ في الرمال, فبدا له أن الحفر على سبيل الصدفة لا يضاهي جدوى محاولة تقفي أثر حيواناتٍ تعيش هنا أو ربما بشر فيقودهم ذلك إلى الماء. فجأة حمل البحر إليه نسمةً عليلةً خفقت من وطأة الشمس الاستوائية.
 
بحركاتٍ بهلوانيةٍ رشيقة , بلغ قمة الصخرة ولم يستغرق سوى بضع دقائق إذ تعلق بيديه وارتكز على جذور وثغور الصخرة ثم لوّح للقارب إلا أن القارب مضى في طريقه ولم يعره أحدٌ انتباهاً , فاستعاد مكانه في الداخل حيث ينبسط أمام ناظريه سهلٌ مترامي الأطراف تتقاسم فيه خصلات العشب والأشجار باختلاف أحجامها متوسطةًٌ أو كبيرة, لها الصبغة ذاتها صبغة الأخضر المعدني والمظهر ذاته ذاك المظهر المغبر الذي يكشف النقاب عن بلد ٍشحيح ٍبالماء, ليس في هذا السهب الجاف ما يوحي بوجود نبع ٍ يتهافت إليه الجميع فما من بناء ولا حتى دخان.
 
يخفي هذا المظهر الخدّاع بين جنباته ساقيةً تحفر لها ثلماً في الأرض يزحف نحو الهضبة حتى يصبح عقيقاً صغيراً يزداد عمقاً وتوسعاً فتزداد الأشجار التي تحف به اخضراراً وحجماً إلى أن تشكل غيضةً زمرديةً تحطم كُدره ألوان الغابة.
 
يكثّف هذا الميلان الطبيعي مياه السهول خلال هطول الأمطار فيخلف مستنقعاً في حفرةٍ يغمرها الظل ولعل القطرة الأصغر والأكثر وحولةً تكفي لملء برميلٍ كبيرٍ ولإنقاذ المرضى.
 
مضى بطريقٍ مستقيم إلى أن وصل لمنخفضٍ مسطح ٍ ثم نزل حتى وطأ أعماق الأرض متعثرةً خطاه مابين نباتات الغيض باختلافها حيث الأدغال الخشبية بجذوعٍ متشابكة وجنباتٍ هزيلةٍ بأوراق لامعةٍ تدفعه للانزلاق فيما بينها وكلما غاص ازداد التصاق وريقات نبتة الحُرف بعضها بالأخر, انتهى به المطاف إلى مدرجٍ صغيرٍ تحت بضعة أمتار من الغيض حيث لامس الأرض وشعر بالرطوبة إلا أنه لم يعثر لا على ساقية ولا على غدير, جثا وحكًّ الأرض وحفرها بسكينه فالأرض سهلة التفتت ورطبة لدرجة أن حفر بساعده حفرةً عميقةً لكن دون جدوى إذ لم يعثر على الماء.

الصفحات