أنت هنا

قراءة كتاب ماذا جرى للوحش الأبيض؟

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ماذا جرى للوحش الأبيض؟

ماذا جرى للوحش الأبيض؟

الرواية مستوحاة من قصة حقيقية تتحدث عن بحار فرنسي شاب فقد على أحد شواطئ استراليا في منتصف القرن التاسع عشر، وتبنته قبيلة محلية قبل أن تجده سفينة إنجليزية بعد 17 عاما، وخلال هذه الفترة كان قد فقد لغته الفرنسية ولم يعد يتذكر اسمه الحقيقي.

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 10
صعد ليستلقي أسفل شجرته مقابل الخليج الفارغ , لم يكن قادراً على القيام بأي مشروع مهما صغر حتى أنه عجز عن تذكر وجود أصدقائه في سان بول تراءى أمامه لحده في كنيسة القرية وقد لزم عدة أشهر حتى وصل خبر ضياعه إلى أهله , سيقرؤون القدّاس مع أخيه لوسيان الحذّاء المتمرن وأخته الصغيرة إيميلي التي كانت تحتفي به في كل مرةٍ نادرةٍ يمرٌّ بها لما يحمله لها من دمى .
 
حضر القدّاس كطفلِ المذبح, قداس صيادٍ شابٍ من القرية ضائعاً في غياهب البحر فرأى الضيق الذي يقبض على والديه والذي ازداد مراراً بغياب النعش.
 
لقد حل البكر مكان أبيه في ورشة الأحذية أما الصغير فكان عليه أن يجرب حظه بعيداً عنهم في عمر الخامسة عشر فأبحر ما إن فتح عينيه على هذه الحياة كنوتي حدث ولم يخيل لأحد أنه سينتهي على هذا المنوال بقبضة حظ سيء , وحده في مكانٍ مهجورٍ بشكل مطلق , لا يرفرف حوله طيفٌ لابن آدم ,لم يبقِ إرثاً ليذكره أحدٌ إنه يرتجف بين يدي هذه الأفكار السوداء كما لو أنه قد أصيب بالحمى لكنها لم تتمكن من إخماد عطشه الشنيع الذي يحرق حلقه .
 
تحوم حوله فكرة أن ينهي حياته هنا فيرمي بنفسه من أعلى الجرف شكاً على رأسه. لقد كان هذا الخيار الوحيد ليذهب إلى الموت أو فلينتظر الموت؟ لقد استعاد تعاليم الديانة المسيحية بيد أنها لم تجدِ نفعاً بإغاثته لم يعد يحظى إلا بهذه الحرية وهو لا يرغب بالتخلي عنها , نهض وحدّق نحو الأسفل فرأى كومة الألواح المرجانية .....
 
غطَّ في نومٍ عميق متناسياً آلامه .....
 
غابت الشمس رامية بأزهارها الهندية برتقالية اللون خلف الأفق, تنثره على الغابة التي لا لون لها, أيقظه شعورٌ بالبرد, عادت الريح لتكنس من جديد القمة حيث يرقد. لا يضاهي جوعه المبرح العطش الذي ينهشه, نهض بحذرٍ وعاد إلى مخدعه الذي توارى فيه خلال الليلتين الماضيتين. رأسهُ مصابٌ بالدوار وخطواته المترنحة تحثانه على بذلِ جهدٍ وإرادة , كما بدا له أنه من الأبسط ترك نفسه يقع هنا حيث هو منتظراً النهاية , عليه أن يجد كوخه وسريره السرخسي , يترنح كرجلٍ ثملٍ لا يفكر بشيء فوصل إلى العقيق ثم نزله أليس هذا الدرب الرملي بين الجذوع نهاية ؟ انهار أمام مخدعه ولم يعد يشعر بالهواء , التوى على نفسه وغاب عن الوعي .
 
كابد مع آلام اليوم الرابع احتضاراً لا نهاية له , لم يعد لديه القوة ليعود إلى الشاطئ ولا ليذهب إلى الجرف الصخري بقي نائماً دون حراك إلى أن عانقته رطوبة المساء فدفعته للتخلي عن فكرة الموت هنا على الرمال بعيداً عن كل شيء .

الصفحات