كتاب " الكل رابح " ، تأليف غازي تشابمان ، والذي صدر عن دار أوفير للطباعة والنشر والتوزيع ، نقرأ
أنت هنا
قراءة كتاب الكل رابح
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
مقدِّمة
منذ ما يتجاوز الثلاثين عامًا والأزواج يدخلون إلى مكتبي التماسًا للعون. وهم يأتون بدون استثناءٍ تقريبًا بسبب نزاعاتٍ لم تُحَلّ. كان جدلهم قد طال حتَّى أصبح كلٌّ منهما يعرف ما سيقوله الآخر ويتكهَّن بما سيقدِّمه من حُجَج، غير أنَّ الحلَّ استعصى عليهما. وها إنَّهم الآن يلتمسون المساعدة من قِبَل أُناسٍ محترفين. من ناحيةٍ أخرى، غالبًا ما كنتُ أشعر بأنَّهم ينظرون إليَّ كقاضٍ أكثر منِّي مرشدًا، آملين في سِرِّهم أنْ أُعلنَ أنَّ الشريك مذنبٌ بتهمة عدم التفكير المنطقيِّ وبطلب أمورٍ غير معقولة.
ولأنِّي مرشدٌ ولستُ بقاضٍ، فقد بدأتُ المَهمَّة الشاقَّة في الإصغاء إلى شكاواهما. إذ يُعيدا على مسامعي خطبهما المستهلَكة وكلٌّ منهما واثقٌ بأنِّي سأَرى صوابَ موقفِه وعقلانيَّتَه. ومع أنِّي أُصغي بعنايةٍ واهتمام وأقومُ بتسجيل الملاحظات، فإنَّ اهتمامي بما هو منطقيٌّ وعقلانيٌّ ليس بقدر اهتمامي بالعلاقات. لطالما أدركتُ أنَّ كلًّا منهما يريد في أعماقه ما هو أكثر من إيجاد حلولٍ للخلافات. إنَّ ما يتوقان إليه حقًّا في أعماق قلبيهما هو علاقةٌ أفضل. وتوجد خلف شعور الإحباط الذي ولَّدته النـزاعات القائمة، رغبةٌ في التوافق والانسجام.
إنَّ ما يرعى علاقات المحبَّة هو التفاهم وليس كَسْبَ المجادلات. وهكذا بدأتُ في طَرْحِ سؤالٍ مثل، ‘‘كيف تشعرين عندما تخرج هذه الألفاظ من فمه؟’’ أو ‘‘ما الذي تشعرُ به في أعماقك حين تسمعها وهي تبدي تلك الملاحظة؟’’ إنِّي أصغي، وأُدوِّن الملاحظات، وأطرح المزيد من الأسئلة سعيًا لاكتشاف المشاعر الكامنة وراء النـزاعات. لن يكون حلُّ نـزاعٍ ما ناجحًا أبدًا، ما لم نفهم أوَّلًا المشاعر التي تكمن وراءه.
كذلك أطرح أسئلةً على الأزواج تتعلَّق بالقيم: ما سبب الأهمِّيَّة البالغة التي تعلِّقها على هذا الأمر؟ في غالب الأحيان، تكشف الإجابة عن هذا السؤال القِيَم التي خَلقتْ خلافًا في البداية. إنْ لم أعرف قِيَمَهما ولم أفهمها، فلن أفهم أبدًا سبب الاستياء الكبير لكلٍّ منهما في ما يتعلَّق بالقضايا المطروحة. وكَوْني مرشدًا، فإنِّي أفعل لهؤلاء الأزواج ما لم يتعلَّموا قطُّ أن يفعلوه لأنفسهم: أنِّي أسعى إلى أن أفهمهم. والفهم يعزِّز حلَّ النزاع والانسجام.
عندما أجريتُ البحث الخاصَّ بكتابي فصول الزواج الأربعة (The Four Seasons of Marriage)، التقيتُ بمئات الأزواج الذين أقرُّوا بأنَّ زواجهم هو زواج ‘‘شتاء’’؛ إذ إنَّه يتَّسم بالغضب، وخيبة الأمل، والشعور بالوَحدة، والسلبيَّة، وثبوط الهمَّة، والإحباط، وفقدان الأمل. كانت علاقاتهم متحفِّظةً باردة تسودها القسوةُ والمرارة. لقد شعروا بأنَّهم وحيدون وقد طُعنوا في ظهورهم. إنَّهم يربضون تحت قبابِهم آملين في حلول فصل الربيع، ولكنَّ الربيع لم يأتِ أبدًا بالنسبة إلى الكثيرين.[1]