أنت هنا

قراءة كتاب المحبات الأربع

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المحبات الأربع

المحبات الأربع

كتاب " المحبات الأربع " تأليف سي . أس .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 3

كنتُ أصبو إلى كتابة بعض صفات المديح السَّهلة تمامًا في نوع المحبَّة الأوَّل، وبعض كلام الاستصغار والاستهانة في النَّوع الثاني. وما زال كثيرٌ ممَّا كنتُ أنوي أن أقولَه يبدو لي صحيحًا. فما زلتُ أعتقد أنَّه إذا كان كلُّ ما نعنيه بمحبَّتنا أو حُبِّنا هو الاحتياجَ الشديد لأنْ نُحَبَّ، فنحن في حالة يُرثى لها جدًّا. ولكنِّي لن أقولَ الآن (مع أُستاذي، مَكدونَلد McDonald) إنَّنا إن كنَّا نعني هذا التَّوقَ فقط نكونُ مُتوهِّمين شيئًا ليس حُبًّا البتَّة كما لو كان حبًّا. ولا يمكنني الآن أن أرفضَ إطلاقَ التسمية ‘‘حُبّ’’ على ‘‘محبَّة الاحتياج’’. فكُلَّما حاولتُ تخريجَ الأمر بمُوجِب هذه المُعطَيات، انتهيتُ إلى أحجيَّات وتناقُضات. ذلك أنَّ الحقيقة أكثرُ تعقيدًا ممَّا افترضتُ.

فأوَّلًا، نحن نُلحِقُ تحريفًا بمُعظم اللُّغات، ومنها لغتُنا، إن كُنَّا لا ندعو ‘‘محبَّة الاحتياج’’ حُبًّا. طبعًا، ليسَتِ اللُّغة مُرشِدًا معصومًا، ولكنَّها تَحوي- رُغم جميع عيوبها- قَدْرًا وافيًا من التبصُّر والخبرة المُختزَنَين. فإنْ بدأتَ بالهُزء بها، فإنَّ لها طريقةً لِتثأرَ لنفسها في ما بعد. وخيرٌ لنا ألَّا نعتمد نهجًا عشوائيًّا في جَعْلِ الكلمات تعني ما يحلو لنا.

وثانيًا، يجب أن نحترسَ من تسمية محبَّةِ الاحتياج ‘‘مجرَّد أنانيَّة’’. فالكلمة ‘‘مُجرَّد’’ كلمةٌ خَطِرة دائمًا. لا شكَّ أنَّ محبَّةَ الاحتياج، شأنُها شأنُ حوافزنا كلِّها، يمكن أن ينغمسَ المرءُ فيها بأنانيَّة. فإنَّ مُطالبةً طاغيةً وجشعةً بالعاطفة قد تكونُ أمرًا مُروِّعًا. ولكنْ في الحياة العاديَّة لا أحدَ يدعو الطفلَ أنانيًّا لأنَّه يتوجَّه إلى أمِّه طلبًا للعزاء والهناء؛ وكذلك أيضًا الراشدَ الذي يتوجَّه إلى صديقه ‘‘طلبًا للرِّفقة’’. وأولئك الذين يفعلون هكذا- صغارًا كانوا أم كبارًا- بمستويات قليلة ليسوا في العادة الأكثرَ لاأنانيَّة. فحيثُ يحصل الشعور بمحبَّة الاحتياج، قد توجَد دَواعٍ إلى رفضه أو إماتته كلِّيًّا؛ ولكنَّ عدم الشعور به هو عمومًا ميزة الشخص المستغرق في ذاته (Egoist) الأنانيِّ البارد. ولمَّا كنَّا بالحقيقة نحتاجُ بعضُنا إلى بعضٍ فعلًا (‘‘ليس جيِّدًا أن يكونَ آدمُ وحدَه’’)، فإنَّ الإخفاقَ في أن يظهرَ هذا الاحتياج بصفته ‘‘محبَّة الاحتياج’’ في الوعي- بكلمة أخرى، الشُّعورَ المُوهِمَ بأنَّه جيِّدٌ لنا أن نكونَ وحدَنا- هو عَرَضٌ روحيٌّ سيِّئ، تمامًا كما أنَّ فقدانَ الشَّهيَّة عَرَضٌ صحِّيٌّ سيِّئ؛ لأنَّ البشرَ يحتاجون فعلًا إلى طعام.

الصفحات