أنت هنا

قراءة كتاب المحبات الأربع

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
المحبات الأربع

المحبات الأربع

كتاب " المحبات الأربع " تأليف سي . أس .

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 5

علينا أن نُميِّز بين شيئَين يمكن احتمالًا أن يُوصَفا بأنَّهما ‘‘قُربٌ من الله’’. أحدهما مُشابَهة الله. وأنا أعتقد أنَّ الله قد طبعَ نوعًا من مُشابَهته في كلِّ ما قد صنعه. فإنَّ المكانَ والزمان، على طريقتهما، يُصوِّران عظمتَه؛ كما تصوِّر جميعُ أصناف الحياة إبداعَه، والحياةُ الحيوانيَّة فاعليَّتَه. أمَّا الإنسان فله مُشابهَةٌ أهمُّ من هذه كلِّها بكثير من حيثُ كونُه عاقلًا أو مُفكِّرًا. وفي اعتقادنا أنَّ لدى الملائكة مُشابَهةً لله يفتقر إليها البَشَر: البقاء (الخلود) والمعرفة الحَدْسيَّة. ومن هذه الناحية، فإنَّ جميع البشر، سواءٌ أَصالحينَ كانوا أم طالحين، وجميعَ الملائكة، بِمَن فيهم أولئك الذين سقطوا، هم أكثرُ من الحيوانات مُشابَهةً لله. إنَّ طبيعتَيهم هُما بهذا المعنى ‘‘أقربُ’’ إلى الطبيعة الإلهيَّة. ولكنَّ هنالك، في المقام الثاني، ما يمكن أن ندعوَه ‘‘قُربَ الاقتِراب’’.[2] فإنْ كان هذا هو ما نعنيه، فإنَّ الحالاتِ التي فيها يكون الإنسان في ‘‘أقربِ وَضْع’’ من الله هي تلك التي فيها يكون مُقترِبًا بِمُنتهى اليقينيَّة والسُّرعة إلى اتحِّاده النهائيِّ بالله، ورؤيته لله، وتمتُّعه بالله، وما إن نُميِّز بين القُرب بالمشابهة وقُرب الاقتراب، حتَّى نرى أنَّهما لا يتوافقان بالضَّرورة. فربَّما يتوافقان وربَّما لا.

وهُنا، قد يُساعِدنُا تشبيه. تخيَّل أنَّنا نقومُ بمسيرةٍ جبليَّة إلى القرية التي نُقيمُ فيها. فعند الظَّهيرة، نبلغُ أعلى جُرفٍ مُطلٍّ على القرية، حيثُ نكون- نِسبةً إلى المسافة- قريبين منها جدًّا لأنَّها تحتَنا تمامًا. وفي وُسعنا أن نُسقِطَ حَجَرًا فيها. ولكنْ لأنَّنا لسنا مُتسلِّقي جُروفٍ بارعين، لا نستطيع أن نهبطَ إليها حالًا. إنَّنا مُضطرُّون إلى سلوكِ طريقٍ الْتِفافيٍّ طويل، قد يبلغ ثمانية كيلومترات. وفي نقاطٍ كثيرة على تلك ‘‘العَطْفة’’ سنكون من ناحيةِ مَوضعنا أبعدَ عن القرية ممَّا كُنَّا لمَّا وقَفْنا على الجُرف- إنَّما موضعيًّا فقط. بينما من حيثُ التَّقدُّم، سنكون ‘‘أقرب’’ بكثيرٍ إلى التمتُّع بأخذ حمَّاماتنا وتَناوُل شايِنا.

ولمَّا كان الله مُبارَكًا وكلِّيَّ القُدرة ومُهَيمِنًا وخَّلاقًا، فهنالك على نحوٍ جليٍّ مَعنًى به تُكوِّنُ السَّعادةُ والقُوَّة والحرِّيَّة والخِصب (سواءٌ في الفِكر أم في الجِسم)، حيثُما ظهرَت في الحياة البشريَّة، أوجُهَ مُشابَهةٍ لله، وأوجُهَ قُربٍ من هذا القبيل. ولكنَّ أحدًا لا يفترض أنَّ لامتلاك هذه الهِبات أيَّ ارتباطٍ ضروريٍّ بتقديسنا. فلا نوعَ من الثراء هو جوازُ سفرٍ إلى مملكة السَّماء.

الصفحات