أنت هنا

قراءة كتاب لذة الـقراءة في أدب الرواية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
لذة الـقراءة في أدب الرواية

لذة الـقراءة في أدب الرواية

عندما لا تتحقق الشروط الضرورية, يخفق العمل الفني في توليد الأثر الذي يريده الكاتب. مما يوسع دائرة النقد والإطلاع معاً, هل النظام نمطاً جمالياً في الأعمال الأدبية؟ هل الضوابط والقوانين والقواعد التي يتبعها الكاتب عادة هي من تراتيل العمل الأدبي؟

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
أحلام مستغانمي فـي ذاكرة الجـسد
 
تكتب أحلام مستغانمي في مقدمة روايتها «ذاكرة الجسد» (..الحب هو كل ما حدث بيننا, والأدب هو كل ما لم يحدث... يمكنني اليوم وبعد ما انتهى كل شيء أن أقول: هنيئاً للأدب على فجيعتنا إذاً فما أكبر مساحة ما لم يحدث, إنها تصلح اليوم لأكثر من كتاب..
 
وهنيئاً للحب أيضاً, فما أجمل الذي حدث بيننا... ما أجمل الذي لم يحدث ما أجمل الذي لن يحدث.. قبل اليوم كنت أعتقد أننا لا يمكن أن نكتب عن حياتنا إلا عندما نشفى منها, عندما يمكن أن نلمس جراحنا القديمة بقلم, دون أن نتألم مرة أخرى. عندما نقدر على النظر خلفنا دون حنين, دون جنون, ودون حقد أيضاً, أيمكن هذا حقاً, نحن لا نشفى من ذاكرتنا, ولهذا نحن نكتب, ولهذا نحن نرسم, ولهذا يموت بعضنا أيضاً) بهذه المقدمة تفتتح أحلام مستغانمي روايتها بعد «على مرفأ الأيام» و«الكتابة في لحظة عري» و«باريس 1985» وهي أول عمل روائي نسائي باللغة العربية في الجزائر.
 
تتلخص رواية أحلام مستغانمي «ذاكرة الجسد» بالبطل الذي هو البطل الراوي ولسان المتكلم«خالد» الذي يشارك في حرب الاستقلال بالجزائر ويصاب خلال الثورة, وتقطع يـده, وضمن تشكيلته النضالية التي يكون تابعاً لرمز في النضال الجزائري هو «سي الطاهر» وأثناء الثورة يتعرض «سي الطاهر» إلى عملية كبيرة يتوقع نهايته فيها, فيرسل خالد إلى تونس إلى زوجته لـ( سي الطاهر) للاطمئنان عليها وتسمية المولود المنتظر, وفعلاً هذا ما حدث, يذهب خالد ويجد زوجة سي الطاهر قد أنجبت المولودة المنتظرة, فيسميها «حياة» حسب ما رغب والدها ثم يهاجر خالد إلى فرنسا ويبدأ ممارسة الفن و الرسم وبعد فترة طويلة من استقلال الجزائر واستعمارها من جديد من قبل تجار الثورة والحرب وأثناء إقامة معرض فني لخالد في باريس تدخل فتاة إلى معرضه يتعرف إليها لتكون هي حياة بنت «سي الطاهر» يحبها كثيراً ويصب عليها كل أحلامه وآلامه ويأمل أن يعيش من جديد, لكن الحياة التي خانته كما خانه الوطن, تخونه ثانية وتتزوج حياة من أحد الضباط الجزائريين في فرنسا, فيموت حلمه وتموت قسنطينة مدينته في عينيه ويقرر العودة إلى قسنطينة ملاذه الأخير.
 
إذن نحن أمام رواية مهمة, وأمام كاتبة دقيقة وواسعة, لقد خلقت عالماً من الحب والألم, عالماً من الموت والحياة, وطناً قديساً وجبابرة ضالين لقد صنعت بوصلة خاصة لمشاعر فالتة وأحاسيس نادرة وأحلام رائعة.
 
هل تظنون أن هذا الكلام أصبح بمثابة الماضي, هل هو صورة من حياتنا التي مرت وغابت عليها الشمس.
 
كيف يكون ذلك متوحداً فينا, في شخص واحد, ومن منا قادر على أن يعبر عن رغباته بكل هذه الحريـة, بكل هذا الانفعال, بكل هذا الاندفاع, ضمن هذا البناء (الذاكرة والجسد), الجنون والكتابة,الموت والحياة, تندفع أحلام مستغانمي بكل هذا الاتزان, وبكل هذه الشفافية لتزرع فينا القيم التي اندثرت في عصر التدجين, والتهجين, وتبديل المفاهيم, أسلحة فارغة تحملها نيابة عن قيمنا, كي ندافع عن هزائمنا, ووحدهم ينوبون عنا, يحملون قيمهم في أوسمتهم التي اهترأت.
 
أي اندفاع ذلك الذي استطاعت من خلاله الكاتبة حرق كل هذا الماضي برموزه ورقة تلو الأخرى, بكل هذا الهدوء, بكل هذا الصبر
 
متى يمكن مغادرة إشارات الاستفهام القائمة في فراغ.

الصفحات