لقد قررت إعادة طباعة كتابي "التوحيد في تطوره التاريخي" التوحيد يمان وما كنت أعلم أن هذه التسمية ستصبح واقعاً بإرادة الله، وبعد ما أحدثه جلّ وعلا من متغيرات في وجداني في لحظات، وفي ليلة جليلة مباركة، صحوت على أثرها وأنا إنسان آخر، وكانت لدي الشجاعة الكافية ا
أنت هنا
قراءة كتاب التوحيد في تطوره التاريخي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
وجهة نظري في الدين
هو حاجة وجدانية يستشعرها الإنسان من داخله، ويشعر أنه بحاجة إلى شيء ما لينفس به عما يستشعره في داخله من مجموع انفعالات وتصورات ليس في الإمكان إخراجها إلا في تعابير يلتقي هو وجماعة عليها، وقد تمظهر الدين في العديد من الصور بحسب المراحل التاريخية التي مر بها، والتي ظل يسعى من خلالها للاحتماء بها من القوة الكبيرة التي ظلت تخيفه وظل يرهبها وتمظهرت له في قوى الطبيعة من رعد وبرق ومطر ورياح وعواصف...إلخ، وما كان ليستطيع أن يضبطها، ولا حتى أن يفهمها أو يدركها أو يخفف من وطأتها ففزع إليها يستدر عطفها بعبادتها بخشية وخوف ومراضاة ثم لكي تصبح قريبة منه رسمها وجسدها مجتهداً في ذلك قدر الإمكان، ومع تطور الحياة والتطور الذي حدث له تطورت مشاعره وقدراته الروحية فاتجه إلى القوى الغيبية لعله يجد فيها غايته وسكينته فكان الإيمان، وبه تجمعت القبائل والأسر التي كانت تعيش في أرض جغرافية واحدة لتكون شعب واحد يبدأ في بناء حياة مدنية ثم حضارة وتسير به الحياة ثم شيئاً فشيئاً يبتعد عما كان يؤمن به أي عن دينه وقيمه ويحل محله العبادات والديانات الطوطمية والوثنية والتي تحمل تجسيد وتصوير لقوة من قوى الطبيعة أو كائن من كائناتها، حينها تصحح السماء الانحراف، بدين جديد تحمله رسالة ورسول يأتي أو تأتى الرسالة بمجموع شرائع ناسخة للشرائع القبلية ولتتلائم مع ما طرأ على الواقع والذي هو كذلك بمتغيراته بحسب مشيئة الله وحكمته، وهكذا كان نزول الرسالات متتالية متتابعة وظهور الأنبياء والرسل الواحد تلو الآخر وذلك كان متماهياً مع التطورات في الحياة البشرية.
فمنذ ظهور الإنسان في مظهره الأول كبشر وبشكله البدائي الأقرب إلى القرد، وقبل أن يُحدث الله فيه النقلة النوعية في صورة من تعارفنا جميعاً على تسميتهم "آدم وحواء" كأبوين للإنسان في قوامه الجميل (أحسن تقويم) والكائن البشري الذي جبل على الأحاسيس والمشاعر، يفزع من القوى المادية الجبارة التي يراها في الطبيعة ممثلة بالأعاصير والرياح ودمدمة الرعود والبروق وغيرها من مظاهر الطبيعة، فما استطاع الاحتمال ولا استطاع التكيف فانسحب من الوجود كما انسحبت كثير من الكائنات قبله حين عجزت عن التكيف مع الطبيعة فانقرضت وكان ذلك حال الكائن البشري الشبيه بالقرود والسعادين حين اسحب من الوجود وبقيت خلاياه الجينية (الحمض النووي) في التربة الرطبة في الطين اللازب مع ما فيها من عناصر قلوية حية، وعبر دهور طويلة ربما كانت عشرات الملايين من السنين إلا أنها عند الله تبارك وتعالى لحيظات قليلة ليخرج ذاك التفاعل بشراً في أحسن تقويم، أي إنسان مكتمل الهيئة والبنيان زود بجهاز جسماني وعقلي ليستطع التلائم مع الطبيعة وذاك هو آدم وزوجه من خلية واحدة إلا أنها ظلت في تطور وانقسام واندفاع للخروج إلى حيز الوجود والكينونة، سبق النصف القوي النصف الأضعف، ولا ننسى أن هناك كائنات حية تحمل ذكورتها وأنوثتها في نفسها، ولقد خلقها الله هكذا ليرينا أنه على كل شيء قدير وليجعلها عبرة وليحملنا على الإيمان بقدرته على خلق ضدين في خلق واحد أو نفس واحدة، فما من مفاضلة بين الاثنين إلا بالقدرة على العمل المناط به، والقدرة على فهم الحقوق والواجبات، والإيمان الصادق بالله وبكل ما طلبه من الإنسان أن يؤديه في حياته الدنيا ليخزنه له للحياة الأخروية.