لقد قررت إعادة طباعة كتابي "التوحيد في تطوره التاريخي" التوحيد يمان وما كنت أعلم أن هذه التسمية ستصبح واقعاً بإرادة الله، وبعد ما أحدثه جلّ وعلا من متغيرات في وجداني في لحظات، وفي ليلة جليلة مباركة، صحوت على أثرها وأنا إنسان آخر، وكانت لدي الشجاعة الكافية ا
أنت هنا
قراءة كتاب التوحيد في تطوره التاريخي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
بقي الإنسان يتعثر وينهض، وينحرف ويستقيم، ويعود إلى الله والتوحيد، ويذهب بعيداً ويتوسع في الأرض وهو على هذه الحال منذ آدم وزوجه عليهما السلام، ديانات وديانات وثنية وسماوية تأتي الوثنية أثر انحراف الناس عن الرسالة السماوية حتى يومنا هذا، ولو أرادوا أن يثبتوا الآن غير ذلك فإنهم كالنعام الذي يريد أن يدفن رأسه في الرمال.
أو ليس التعصب وثنية، أوليس عبادة المال وثنية، أوليس الخوف والخشية من حاكم احتل مكانة الله في الخوف والخشية، هذا إلى جانب أن الوثنية مازالت قائمة في كثير في بقاع الأرض، أقول هذا الانحراف لا بد أن تصححه السماء برسالة جديدة، وهكذا، حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وقد تتابعت الرسالات في مشارق الأرض من الهضبة الإيرانية والقارة الهندية إلى الجزيرة العربية جنوبها وشمالها ووسطها مكة والمدينة في الرسالة المحمدية، وفي كل رسالة كان الله تبارك وتعالى يضع تشريعات تتناسب وواقع حال أولئك القوم، ولم تأت رسالة تتناقض وواقع حال الناس ولا تتجاوزه إلا بمقدار ما تضع من تشريعات تحمل ذلك الواقع إلى المستقبل، وتسير مع حركة الناس وتساير متغيرات حياتهم وعصرهم، وحين لم تعد قادرة على ذلك بحكم نتائج حركة الناس، والتطور الذي يطرأ على واقعهم سلباً وإيجاباً، يبعث الله برسالة أخرى وبتشريع آخر متناسب والواقع الجديد ناسخ لتشريعات الرسالة السابقة فتبقي فقط أساسيات الرسائل جميعها، وهي الإيمان بوحدانية الله والتسليم بقضائه وقدره، والتقرب إليه بالعبادات، وما ظل مرفوضاً بالسليقة الإنسانية من قتل للنفس وظلم للآخرين بشتى الصور، وكان لكل رسالة ونبي شريعة ومنهاج لتأدية الرسالة وإيصالها إلى الناس وفرض مفردات الشريعة بما استدعاه واقع حالهم ، فنوح عليه السلام حين أعياه كفر قومه وجحودهم أوكل عقابهم للسماء فكان الطوفان، وكذلك هود وصالح... وغيرهم، وما من نبي ولا رسول إلا وأحدث الله متزامنا مع ظهور الرسالة أحداث في الطبيعة مهولة فيها يوم فصل بين المتناقضات ينصر الله على أثرها الرسالة ويسحق الكافرين بها. وهكذا يستمر نزول رحمة الله وحكمته بالملائكة تحمل روح القدس إلى من يصطفيهم الله من الناس ذكوراً وإناث وحتى آخر الزمان.
إن الرسالات مستمرة إلى يوم الدين، رسالة بعد رسالة، ومرسلة أثر مرسلة، قد يطول بينهما الزمان وقد يقصر، كما كان للرسل الأولين من الذكور، ليس هناك زمن محدد هو نفسه الزمن الذي بين رسالتين متتابعتين فالزمن الذي بين إدريس ونوح ليس هو نفس الزمن بين موسى والمسيح، أو بين المسيح ومحمد، عليهم جميعاً أفضل الصلوات والتسليم، كما نقرأ ذلك في كتب التاريخ، وكذلك واقع الحال في الرسالات القادمة التي سيبعثها الله تبارك وتعالى في المرسلات "والمرسلات عرفا، فالعاصفات عصفاً، والنشرات نشرا، فالفارقات فرقا، فالملقيات ذكراً، والله تبارك وتعالى ما أعطى غيبه لأحد إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا فحين يبعث الله المرسلات يعصف الكون عصفاً، وذلك هو حال الكون الآن لأنهن لن يأتين بسيف ولا بقوة، وإنما بأخلاق وعرف إجتماعي نبيل وجميل وسيكن ملقيات ذكراً، أي أنهم سيذكرن الناس بوحدانية الله وبالقيم والأخلاق الإنسانية الفاضلة، وعلى أيديهم يفرق الله بين الحق والباطل، والخير والشر، والعدل والظلم، وكل المتناقضات المتداخلات التي تشمخ حين يبتعد الإنسان عن الله والخير والحق، ذلك واقع حال البشرية وهي تستقبل رسالات من أناث والله بكل شيء عليم، وما نعلمه إلا ما أعلمنا إياه إنه يعلم ما في أنفسنا ولا نعلم ما في نفسه وهو العليم الخبير.
وليس للرسل ذكوراً وأناث إلا أن يبلغوا ما يأمرهم الله به ولو كذبهم الناس، ورموهم واتهموهم بالسحر والجنون، وتلك حالة طبيعية لما جبل الناس عليه من رفض الجديد والتمسك بما لديهم من قيم ومفاهيم وأديان وعبادات، وكل ما ألفوه في حياتهم الاجتماعية وليس على الرسل والأنبياء إلا أن يبلغوا فمن آمن فلنفسه ومن كفر فالله غني عن العباد.