يعود الـسحر المـصري إلى عهد السلالات الأولى، بل إلى قبل تلك الحقبة، إذ كان سكان مصر يعتقدون بأن الأرض والعالم السفلي والهواء والسماء تسكنها مخلوقات لا تُعد ولا تُحصى. وهذه المخلوقات مرئية وغير مرئية، وأن بعضها صديقة والأخرى عدوة للبشر وهي توجه الطبيعة.
أنت هنا
قراءة كتاب الـسحر المـصري
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
وهنا بادرت الأرملة بالرد عليه، وبعد مرور فترة قصيرة على الحوار الذي دار بين الأرملة وزوجها المتوفى، قال الرجل المتوفى إنه سيحاول تبيان الحقيقة، وأشار إلى (تلفرون) موجهاً حديثه إلى الحضور بأن الساحرات قمن بعدة محاولات لكي ينوّموا الحارس، وأخيراً خاطبوا جثة رجل ميت يدعى هو الآخر (تلفرون)، وعندما كان الميت يحاول الاستجابة لسحرهن، نام الحارس (تلفرون) فبادرن إلى قطع أنفه وأذنيه ووضعنّ بدائل عنها. وعند سماع تلك القصة نظر الحضور إلى التلميذ تلفرون الذي ما أن بادر إلى وضع يديه على أنفه وأذنيه حتى سقطت تلك الأعضاء. ولا تهمنا نهاية تلك الرواية، بقدر اهتمامنا بلمس الفم تلك العملية التي قام بها (زكلاس) وهي جزء من طقوس فتح الفم التي يشار إليها مراراً في الكتب الدينية والتي كان يُنظر إليها باهتمام لراحة الموتى. وإن قوة إعادة الأموات إلى الحياة التي أشار إليها أبوليوس والتي يقوم بها الكهنة المصريون كانت تجرى آلاف السنين قبل المسيح من قبل حكماء مصر. كما نجد ذلك في الرواية الآتية المسطرة على أوراق البردي في (ويست كار West Car): كان ابن الملك خوفو الذي حكم فـي 0053 قبل الميلاد واسـمه (هيـرو تاتاف Herutataf) واسمهُ مدون في كتاب الموتى كان يُحدث والديه عن موضوع قوة السحر التي كان يمتلكها القدامى. وفي رده على ملاحظات خوفو أجاب قائلاً: إنك للآن لم تسمع سوى تقارير حول القضايا التي كان الناس سابقاً يعرفونها ولا نعرف إن كانت حقيقة أم كذباً. ولكني يا جلالة الملك سأجعلك تشاهد أحد الحكماء وهو يعيش في عهدك ولا يعرفك، فسأله الملك: من هو هذا الحكيم؟ فأجابه ابنه: يدعى هذا الرجل (تيتا Teta) ويعيش في (تيت سنفرو Tet Seneferu) ويبلغ من العمر مائة وعشر سنوات. ويتناول يومياً خمسمائة رغيف خبز، وكتف ثور، ويشرب مائة قدح من الجعة. وهو يعرف طريقة إعادة رأس مقطوعة إلى جسدها. ويجعل الأسد الذي يزأر يتبعه، ويعرف عدد (Aptet) لمذبح الإله (توث Thoth). وكان خوفو يرغب في معرفة عدد الـ Aptet في مذبح توث لأنه كان متلهفاً لتشييد مذبح مشابه له. وفي الوقت الحاضر يبدو من المستحيل معرفة ما هو الـ(Aptet) ولكن من الواضح أنه أداة تستخدم من أجل السحر، وأن الملك كان مهتماً بالسحر شأنه شأن رعيته. وبناء على ما حدثه به ابنه طلب الملك خوفو منه أن يأتيه بالحكيم، وأرسل له قارباً ملكياً بصحبة ابنه هيرو تاتاف، ووصلوا إلى تيت سنيفرو وتوقف القارب في الميناء، بينما واصل الأمير رحلته في محفة مصنوعة من الأبنوس يحملها رجال على أعمدة من خشب من نوع آخر مطعم بالذهب. وعندما وصل الى تيتا نزل الأمير للسلام على الحكيم الذي رآه نائماً على حصير في فناء داره بينما كان أحد الخدم يغسل رأسه والآخر قدميه. وبعد تقديم التحايا أخبره هيرو تاتاف أنه جـاء بناءً عـلى رغـبة أبيه خوفو، ورحب به الحكيم وتنبأ للملك بأنه سيصل إلى منزلة عالية وساعد الأمير الحكيم على النهوض وسار الحكيم إلى الميناء متكئاً على كتف الأمير، وطلب من الأمير قارباً آخر لنقل أولاده وكتبه وتم إعداد قاربين وسافر تيتا مع الأمير ولحقه الركب. وبعد أن وصلوا إلى بلاط قصر الملك قابل الأمير أباه، وأخبره بأنه عاد مع الحكيم، وطلب خوفو أن يقابله فوراً وتم إحضار تيتو، وسأله خوفو: كيف لم أقابلك قبل الآن، فأجاب الحكيم تيتا: أيها الملك إن من يُستدعى يحضر وها أنا قد أتيت. وسأله الملك: هل صحيح أنك يمكن أن تعيد الرأس المقطوعة إلى جسدها؟ فأجاب الحكيم: نعم يا سيدي العظيم، أنا أستطيع ذلك. فطلب الملك إحضار أحد الأسرى من السجن ليقطع رأسه، فأجابه الحكيم: لا يا سيدي الملك لا تقم بهذا العمل على إنسان بل على مخلوق آخر من الحيوانات المقدسة، فأتى أحدهم إليه بإوزة، وتم قطع رأسها، فوضع جسد الإوزة في الجهة الغربية من الأعمدة والرأس في الجهة الشرقية، فقام تيتا وتلا بعض التعاويذ السحرية، فإذا بالجسد يتحرك وكذلك الرأس وبدأ كل منهما يتجه نحو الآخر فعاد الرأس مكانه وبدأت الإوزة بالقوقوة، ثم طلب الحكيم (تيتا) إحضار طير (خيتا Khetaa) وقام بذات (المعجزة) التي حدثت للإوزة كما قطع رأس ثور وبعد أن تفوّه بكلمات القوة السحرية عاد الرأس إلى جسد الثور فنهض. وتقدم هذه الروايات المُسطّرة على ورقة بردي (ويست كار) دليلاً على أن أعمال السحر كانت تمارس إبان فترة السلالة الرابعة. وتدل الوثائق الأخرى على أن تلك الممارسات السحرية استمرت في مصر خلال جميع السلالات. ولكن حكمة المصريين كانت على نوعين، مكنّت المصريين من التعامل مع العالم المادي والعالم الروحاني غير أن الأمم المجاورة لمصر خلطت بين النوعين فأساءت فهم القضايا ونتائجها.