يعود الـسحر المـصري إلى عهد السلالات الأولى، بل إلى قبل تلك الحقبة، إذ كان سكان مصر يعتقدون بأن الأرض والعالم السفلي والهواء والسماء تسكنها مخلوقات لا تُعد ولا تُحصى. وهذه المخلوقات مرئية وغير مرئية، وأن بعضها صديقة والأخرى عدوة للبشر وهي توجه الطبيعة.
أنت هنا
قراءة كتاب الـسحر المـصري
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الأحجار السحرية أو التعاويذ التعاويذ هي نوع من المواد أو أدوات الزينة والملابس، وتعمل من مختلف المواد التي استخدمها المصريون وبعدهم من قبل أمم أخرى لحماية جسم الإنسان الحي أو الميت من التأثيرات المؤذية ومن هجوم الأعداء المرئيين وغير المرئيين وكلمة (Amulate) التعويذة أو الحجاب مشتقة من جذر عربي يعني أن يحمل فمعناه أن يحمل أو يلبس(1). ويطلق الاسم على أي نوع من الطلاسم أو أدوات الزينة التي فيها قوى خفية، وليس من الواضح فيما إذا كانت التعويذة توضع لحماية الأحياء أو الأموات في البدء. ولكن الظاهر أنها كانت تُحمل لحماية الشخص من الحيوانات المتوحشة والأفاعي والثعابين. وبمرور الوقت وتطور الدين والأفكار والمعتقدات ظهرت تعاويذ جديدة تمثل وجهات النظر الجديدة. وكان التحول سهلاً بالنسبة لعقول من يحملونها، وإقناع الأحياء بارتدائها أيضاً بعد أن كانت تدفن مع الأموات. ونظراً إلى أن هدف التعاويذ في البدء كان لحفظ جسد الميت من التفسخ وحفظ أعضائه كاملة فقد أصبح وبمرور الوقت لكل عضو من جسد الإنسان الميت تعويذة لحفظه وبذا أصبحت المقابر مخازن للتعاويذ لحفظها من الثعابين والديدان والتفسخ، وبدأ المصريون بدرجها داخل الكفن وحول جسد الميت لحفظه من التعفن والفساد. ولا يمكن التكهن بتاريخ بدء المصريين باستخدام التعاويذ لموتاهم، ومن المستحيل معرفة تاريخ بدء معتقداتهم بقوة هذه التعويذة أو تلك وتأثيرها. ولكن الظاهر أن بعض هذه المعتقدات قديم حتى أن المصريين أنفسهم لا يعرفون أصله ومعناه. والتعاويذ عـلى نوعين، الأول ويـشمل تـلك التي دونـت عليها وصـفات سحرية والثاني بلا تدوين. في الأيام القديمة كانت الأدعية والوصفات تتلى على التعويذة التي يعلقها الحي أو توضع مع جسد الميت. ويقوم بهذه الطقوس كاهن إذ لم يكن بمقدور أي إنسان أن يقوم بهذا العمل المتخصص. وبعد فترة يتم البدء بتدوين كلمات القوة والأدعية على التعويذة، التي أصبحت ذات بعدين من القوة وهما قوة المادة المصنوعة منها التعويذة والبعد الثاني قوة الأدعية والكلمات المدونة عليها. وأقدم اسم لتلك التعاويذ المنقوش عليها والمدونة هو حقو (Hekau). وكان من المهم جداً، إبان فترة القرن السادس عشر قبل الميلاد، أن تدفن مع الميت وحتى منذ بدء القرن الخامس عشر قبل الميلاد. وقد تم تدوين فصل خاص في كتاب الموتى حول كلمات القوة أو كلمات السحر المدونة بأنها ستعود إليه أينما كانت وبقوة أسرع من كلاب الصيد أو الضياء(1). إن أقدم تعاويذ مصرية كانت مصنوعة من قطع من الصخر الأخضر المتبلور السهل الكسر وعلى أشكال مختلفة: حيوانات أو غيرها، وكانت توضع على صدر الميت، وقد وجدت مثل هذه القطع في مقابر فجر السلالات في مصر أو ما قبله. ومن المستبعد أن سكان مصر قاموا بصنعها، إذ كما يقول ام. جي دي مورغان إنها وجدت في العصر (النيوليثي) الحجري، لأغراض العبادة والطقوس، وكانت تصنع على هيئة حيوانات ومع ظهور الشعب المسمى المصري أصبح ذلك النوع نادراً. واختفت الأشكال الحيوانية لتحل محلها قطع من الحجر الرباعي الشكل منقوشاً عليه صور الحيوانات وغيرها. وإن نظرية كونها أدوات شحذ لمسح الألوان وغيرها لا يمكن أن تصمد، للأسباب التي أعطاها دي مورغان إذ أن الجعران (الخنفساء) المصنوعة مـن حجر أخضر التي كانت توضع على صدر الميت لها جذورها في عصر ما قبل فجر السلالات، وتعود للعصور الحجرية من ناحية المضمون والمادة المصنوعة منها. ولكن تقليد كتابة كلمات القوة «حقو» على أوراق البردي هو بقدم كتابتها على الأحجار. ونرى من الكتابات على جدران المقابر والمعابد ودهاليز وغرف هرم أوناس (Unas) ملك مصر في حوالي 0033 قبل الميلاد أن كتاب كلمات القوة السحرية قد دفن مع الملك(1). وفي مكان ثان نرى أن كتاباً آخر دفن مع الملك تيتا. وقد كتب على جدران القبر حوالي 6623 قبل الميلاد «دفن هذا الكتاب الذي له تأثيره على قلوب الآلهة». ونرى أن هدف كل المدونات الدينية المكتوبة في المقابر أو على التعاويذ أو الأكفان أو ورق البردي كان لجعل الآلهة تحت سيطرة المتوفى لإجبارها على تنفيذ إرادته.