كتاب "الاغتراب النفسي الاجتماعي وعلاقتة بالتوافق النفسي والاجتماعي"، أراد الباحث بموضوعه هذا، البحث بماهية الاغتراب، كمن يلقي بحصاة في ماء ساكن تنعكس عليه صورنا فنجد أنفسنا نعيش فى جزر اجتماعية وثقافية متجاورة، يفصلها الإحساس بالاغتاب وبالغربة النفسية والاج
You are here
قراءة كتاب الاغتراب النفسي الاجتماعي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 1
مقـدمـة:
يعّد شباب الجامعة في أي مجتمع هم قادة المجتمع في المستقبل المنظور وعليهم سيقع العبء الكبير في تطوير المجتمع وتقدمه في مختلف المجالات وهم من أهم الفئات الاجتماعية تأثيرا وتأثرا بالتنمية والتحديث والتغيرات الاجتماعية التي تصاحب تلك النشاطات وتشكل قيمهم واتجاهاتهم التي اكتسبوها خلال التنشئة الاجتماعية في مختلف مراحل حياتهم حيث يمر الفرد بمراحل نمائية هامة ومتتابعة من النمو والتطور ذلك ما ظهر جليا في نظرية أر يكسون عن النمو النفسي الاجتماعي، مؤكدا أن كل مرحلة نفسية اجتماعية تتصف بأزمة معينة في العلاقات الشخصية الاجتماعية وقد أطلق أر يكسون، (1963م) على مراحل التطور المختلفة تسميات من واقع الأزمة الخاصة بكل مرحلة ونوع الحل الذي ينتهي إليه الصراع حيث تتميز كل مرحلة بإنجازات لابد أن تتخطاه قبل أن ينتقل الفرد إلى المراحل التالية ووجود هذا التحدي للإنجاز لا يعني غياب التحديات التالية والسابقة تماما في ذات الوقت، ولكنه يعني أن هذا الإنجاز يأخذ مكان الصدارة بالنسبة لغيره، وانه كلما كان اكتماله تاماً كلما كان التفرغ للإنجاز التالي اكثر (شعلان، 1985م: ص9).
لذلك فأن (أر يكسون Erikson E) كان على صواب، حين جعل من أزمة الهوية Identity Crisis مفتاحاً لفهم نفسية الشباب المراهق ؛ حيث تعتمد نظريته على فكرة محورية هي تطور هوية الأنا كنقيض لتشتت الأنا، وهو يعني موقف الفرد الواضح تجاه العالم، وفهمه الواضح لدوره. وحدد أريكسون ثمانية مراحل تغطي النمو الاجتماعي، وتنتج الازمات والمشكلات في كل مرحلة عن الضغوط الاجتماعية، ويجب أن تقابل بالحلول حتى ينمو الشخص نفسياً واجتماعياً، (غانم، عزة محمّد، 1998م،ص: 28 – 29).
وهو يرى أن ذلك أمراً في غاية الصعوبة، وفي عالم سريع التغير اجتماعياً ؛ حيث الفجوة بين الأجيال تجعل أدوارهم المتوقعة مختلفة. ويكون الاغتراب تشتت الأنا، الناتج عن عدم القدرة على صياغة وتطوير وجهة نظر متماسكة نحو العالم، وموقف الفرد منه (الأشول، عادل، 1985م: ص 38).
الشباب العربي يعاني من الاغتراب الحاد، لعدم وضوح الرؤية أمامه، والازدواجية في الحياة التي يعيشها ؛ الازدواج في القدوة والتربية، وجميع المجالات التي تسهم في تكوين شخصية الشاب العربي ونسيجه الفكري.
وهناك صيغة أخرى لاغتراب الشباب نجدها لدى الفيلسوف الالماني (شيللر) عن الإنسان الممزق الذي أنفصلت لديه المتعة عن العمل، والوسيلة عن الغاية، والجهد عن العائد، وهذا يحدث حين يشعر الإنسان بعدم الإنتماء للمجتمع الذي يعيش فيه، ومن مظاهرها (تجارة العملات،السمسرة وتجارة العقارات،ويصبح الأثرياء من غيرالمنتجين والذين يتميزون بالاقتراب من السلطة والتحايل على البنوك لعقد صفقات مربحة لهم)، وهذا شكل من الفوضى الأخلاقية الموجود في داخل المجتمع (رمضان بسطاويسي1999م،مجلة سطور:ص 15- 17).
والحل هنا برآي المتواضع يأتي من خلال " ربط الجهد بالعائد – ومحاربة أشكال الاقتصاد غير المنتج – والمصالحة بين الجانب الغريزي والعقلي في الإنسان، حتى يمكن للإنسان أن يحقق حريته وتماسكه، ويصل إلى التغلب على وحدته الممزقة.
في المدرسة، وهي أهم المؤسسات التربوية، يتلقى الشاب أنواعاً من القيم والآراء المتناقضة المتنافرة، ويجد مربين ومعلمين مختلفين في الفكر والمنهج والسلوك، وتغدو عملية التربية والتعليم والتثقيف عبارة عن صراع بين البناء والهدم، وتتجمع حصيلتها في ذهن الشباب، لأنه يسمع أفكاراً متناقضة وسلوكيات مختلفة. فهو يسمع في المؤسسات التعليمية عن الأخلاق والفضيلة وضرورة التقيد بهما، وخطورة الخروج على قانونهما. وفي الجانب الآخر يسمع عن الحرية والحياة العصرية، وضرورة التحلي بهما، وعن خطورة الكبت والقيد والقوقعة والتكلس في حمأة التقاليد.