You are here

قراءة كتاب هناك في سمرقند

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
هناك في سمرقند

هناك في سمرقند

رواية "هناك في سمرقند"؛ للكاتب الفلسطيني أسعد الأسعد، الصادرة عام 2012 عن دار الجندي للنشر والتوزيع، نقرأ من أجوائها:

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار الجندي
الصفحة رقم: 7
- إلى أين نحن ذاهبون، يا مولاي، في هذا الصباح الباكر؟
 
- ليتك تكفّ عن السؤال أيها العربي. كل شيء في أوانه، فلا تتعجل نصيبك. ها قد وصلنا. اتبعني، ولا تكثر من الكلام.
 
ترجل بختيار من السيارة، وتبعه علي شير. المكان مزدحم بالمدعوين، فيما اصطف عدد من الرجال أمام المدخل يستقبلون الضيوف، يرشدونهم إلى أماكنهم في الساحة الكبيرة التي ازدحمت جنباتها على اتساعها، ولولا أن هبَّ أحد المضيفين لاستقبالهما، ما كان لهما أن يجدا مكانًا وسط ذلك الزحام.
 
أشار بختيار بيده للفتى العربي فتبعه، وهو لا يزال معلق النظرات:
 
- لا تبتعد عني. أخشى عليك من الضياع في الزحمة، فيصعب علي أن ألقاك.
 
- لا تخشَ عليّ، سوف أبقى ملازمًا لك، ولن أبتعد عنك، لكن ما يحيرني؛ من أين لهم ما يكفي لكل هؤلاء؟
 
- لن يخرج أحد دون أن يأكل. لا تقلق يا بني. الطعام كثير.
 
- يبدو أنَّ صاحب الوليمة أحد أعيان المدينة.
 
- وربما أكثرهم غنىً.
 
- واضح.. واضح.
 
- كفّ عن التعليق واتبعني.
 
جال الشيخ بنظره أرجاء المكان، لعله يجد مكانًا يتجه إليه، حتى كاد يفقد الأمل، لولا أنَّه رأى أحدهم يسرع نحوه، مشيرًا بيده، يدعوه إلى حيث طاولة المضيف.
 
- التزم الصمت واتبعني. قال بختيار مخاطبًا علي شير.
 
ما أن وقع نظره على المضيف، حتى تقدم نحوه مصافحًا، فيما تقدم الرجل نحو بختيار، بحركة تنمّ عن احترام كبير، وأجلسه إلى جواره.
 
كأنَّ عراكًا حدث في ركن القاعة؛ فجأة تراكض النَّاس، فلم يعد يرى مرافقه علي شير وسط الزحام، لكن ذلك لم يطل، حيث هدأ المكان، وتراجع النَّاس إلى أماكنهم، لكن علي شير لم يظهر، فيما راح بختيار يتفقد الحضور من بعيد، يحدّق في وجوه النَّاس، واحدًا تلو الآخر، وقد بدا القلق والخوف عليه، حتى أنَّ مضيفه لاحظه، فسأله عن سبب قلقه، فلم يجد بدًّا من إخباره بقصة الفتى العربي، لكنه لم يبح بكل ما لديه، فقد أمَّنه علي شير على سرٍّ لا يجدر البوح به.
 
استمع الحاج عبد الرحمن لقصة الفتى علي شير مشدودًا إلى تفاصيلها، وقد بدا غير مقتنع بما يسمع، إذ إن رواية بختيار لم تكن مترابطة في بعض مفاصلها، لكنه آثر الاستماع، وعدم الدخول في تفاصيل قصة الفتى العربي، وسط انشغاله بضيوفه الذين تزاحموا لتناول أطباق "البلوف"، وانتظار خلو مكان غادره أحدهم للتو بعد أن انتهى من تناول طعامه، فيما انشغل المضيف بوداع أحدهم والترحيب بآخر، حيث لم يجد بدًّا من الانسحاب، وقطْع الحديث مع بختيار.
 
- لا بأس.. لا تقلق.. سوف نجده. قال ذلك كأنما يريد أن ينهي الحديث.
 
تقاطر المدعوون يغادرون القاعة الكبيرة، فيما أدرك بختيار أنَّ أمرًا ما حدث، حال دون علي شير، ومنعه من الوصول إليه. كاد المكان يخلو من المدعوّين، ما دفعه إلى التقدم نحو المضيف، شاكرًا دعوته، وداعيًا بالعافية له ولأهل بيته.
 
انطلق بختيار نحو باب القاعة. وقف هناك. جال ببصره الجهات كلها، وسأل ما استطاع من الحضور، لكنَّ أحدًا لم يخبره شيئًا. لم يره أحد. غادر بختيار المكان وهو في حيرة من أمر الفتى؛ لم يلتقِ أحدًا إلا وسأله عنه. ضاع الفتى.. قال محدثاً نفسه. ابتعد عن المكان، لكنَّ صورة الفتى لم تغادره. يلوم نفسه تارةً، ويختلق الأعذار للفتى تارةً أخرى؛ ربما عاد إلى حيث يقيم في مقبرة شاه زند، وربما هامَ على وجهه في أزقة سمرقند. ربما وربما. آهٍ.. ربما لم يستطع الدخول فهام في المدينة، وربما تعرض لحادث...
 
أحس بختيار بتعب شديد، فقرر العودة إلى ضريح دانيال، لعله يستعيد بعض راحته، التي افتقدها منذ فارقه علي شير، وضاع وسط الزحام.

Pages