رواية "هناك في سمرقند"؛ للكاتب الفلسطيني أسعد الأسعد، الصادرة عام 2012 عن دار الجندي للنشر والتوزيع، نقرأ من أجوائها:
You are here
قراءة كتاب هناك في سمرقند
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية

هناك في سمرقند
الصفحة رقم: 8
كان بختيار يحفظ الطريق إلى الضريح عن ظهر قلب، ويحفظ وجوه أهل الحيّ، وربما أسماءهم أيضًا، رجالهم ونساءهم، يبادلهم السلام والتحيات، بل إنَّ بعض النساء يستوقفنه للسؤال عن رؤيا، أو تفسير لحلم، وما أكثر أحلام نساء سمرقند؛ بعضها كان حقيقيًّا، ومعظمها أحلام يقظة، تختلط بالتمنيات، حتى أنَّ بختيار كاد يحفظها، وقد أتقن التعامل معها، وامتلك القدرة على تفسيرها، بما يرضي الحالمات من نساء سمرقند، اللواتي يلجأن إليه.
- السلام عليك، يا مولاي...
أفاق من شروده على صوت نسائي:
- وعليكم السلام...
ردَّ التحية، لكنَّه لم يتوقف، وتابع سيره نحو الضريح، فقد تعوّد سماع ذلك من أهل سمرقند، الذين يعرفهم، والذين لا يعرفهم، لكن الصوت خاطبه من جديد:
- أراك مهمومًا، يا سيدي الشيخ..
توقّف، وقد همَّ بصعود الدرج المتهالك، المؤدي إلى الضريح، وردَّ حين وقع بصره على صاحبة الصوت:
- جئت من وليمة الحاج عبد الرحمن ماشيًا، وقد أخذتني الطريق، فأتعبتني مسالكها.
- لكنك شارد الذهن على غير عادتك.
- وهل تعرفيني حتى تقولي ذلك؟
- نعم، يا سيدي الشيخ، أنا أعرفك، وأنت تعرفني جيدًا.
- إذًا أميطي اللثام عن وجهك، لعلّي أعرفك.
اقتربتْ من الشيخ بختيار وهي تميط اللثام عن وجهها.
- لا أريد أن يراني أحد هنا.
ما أن رآها بختيار حتى شهق وراح يدور حول نفسه، وحين تأكد من خلو المكان خاطبها، وقد بدا عليه الارتباك والقلق:
- ضعي اللثام.. ضعيه، واتبعيني...
- لا داعي لذلك، جئتك للسؤال عن الشاب الذي كان برفقتك هذا الصباح.
- وأين رأيتنا؟!
- كنت أقف قريبًا من نافذة المطبخ حين مررتُما...
- وهل عرفته؟
- نعم.. إنه ذاك الفتى العربي، الذي التقيناه في الموصل، واسمه مالك.
- لقد اختار لنفسه اسم علي شير.
- وما الذي جاء به إلى سمرقند؟
- جاء يبحث عن ثريا، عنك يا ابنتي.
- مجنون!
- هناك ما يستحق الجنون.