You are here

قراءة كتاب فن الإصغاء

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
فن الإصغاء

فن الإصغاء

الكتاب الحالي "فن الإصغاء" الذي ترجمه إلى اللغة العربية الكاتب والمترجم محمود منقذ الهاشمي، لا يتحدث عن التقنية التحليلية النفسية؛ وفعلاً، ففي رأي فروم، وضد زعم الكتب المدرسية عن التقنية التحليلية

تقييمك:
5
Average: 5 (1 vote)
المؤلف:
الصفحة رقم: 1

الدوغمائية والنسبوية تستبعدان الحوار

يتفطّن الناقد الروسي ميخائيل باختين في كتابه عن دوستويفسكي لمسألة في الحوار على درجة كبيرة من الأهمية هي استبعاد النسبوية relativism والدوغمائية أيَّ حوار حقيقي، حيث تجعله النسبوية غير مفيد وتجعله الدوغمائية مستحيلاً.
وتستوقفنا هذه الفكرة على وجه الخصوص بالنظر إلى اهتمامنا الشديد بالحوار بحثاً وترجمة، ولأنها لا تقتصر على إدراك خطر الدوغمائية على الحوار، كما جرت العادة، بل تتفطّن للخطر الآخر الذي لا يقل سوءاً وهو النسبوية. ويمكن القول إن النسبوية هي النفي المطلق لكل شمول، أو كما يعبر تودوروف، فعندها أن «كل شيء نسبي إذن.. إلا مذهب النسبية، فهو شمولي!» ولكن الشمولية كامنة في القوانين العامة، وفي القواسم المشتركة، وفي وجود الواقع الموضو عي. وعلى حين تعتقد العقلانية بإمكانية الاقتراب من الحقيقة، وإمكانية جعل الرؤية أوضح وأشمل وأدقّ بالتدريج، لا تعتقد النسبوية بوجود أية حقيقة. وقد اتّخذ أحد النسبويين، وهو الروائي والسياسي الفرنسي موريس باريس Barrés Maurice (1862 ـ 1923) من تبرئة دريفوس سنة 1906 في دعواه الشهيرة دعماً لفكرة النسبوية، حيث قال: «كان دريفوس خائناً إبان اثنتي عشرة سنةمن خلال حقيقة قضائية (...) ومنذ أربع وعشرين ساعة، من خلال حقيقة قضائية جديدة، هو بريء. إنه درس عظيم أيها السادة، ولا أقول درساً في الريبية، وإنما في النسبوية، درس يدعونا إلى تهدئة أهوائنا».إنه يجعل مسألة براءة دريفوس أو إدانته مسألة نسبية تماماً، ولا مجال لمعرفة الحقيقة مهما درسنا مواد الإثبات أو النفي، لأن الحقيقة غير موجودة أصلاً.
فالنسبوية هي تطرف في النسبية بنفي الشمول كلياً، كما يمكن لنفي النسبية أو تجاهلها أن يُدعى الشمولوية. وكلاهما تطرف؛ فالشمولوية تؤدي حتماً إلى الدوغمائية، والنسبوية إلى السلبية والانتهازية وتقهقر الفكر وانعدام الحوار. ولا يكون النظر السليم إلا في إدراك العام والخاص، والشامل والنسبي. والركيزة الأساسية للحوار هي الأسس المشتركة، وكما قال تودوروف، فإن «الشامل هو أفق التفاهم». والشمولية هي التي يتوقف عليها نجاح العلم، وعليها تنبني الأفكار التي تتجاوز إطار المصالح الضيقة، وتتأسس المنظومات الفكرية والمعرفية التي تجعل محورها إنسانية الإنسان. ويصف فرانسوا جوست الأدب المقارن بقوله: «إنه علم بيئة على المذهب الإنساني، ونظرة شمولية تضمينية إلى العالم».

Pages