ان التنمية المستدامة تعني تزويد الفرد بالخبرات والمعارف والاتجاهات الضرورية وكذلك تعويده على عادات مفيدة، فالمعارف والخبرات وحدها لاتكفي فلا بد ان يتعود الفرد على عادات لها علاقة بالمحافظة على الموارد وخصوصآ غير المتجددة وحسن توظيف الدخل والتفكير في الاخرين
You are here
قراءة كتاب التنمية المستدامة والأمن الاقتصادي
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
الفصل الأول
أثر التنمية المستدامة على الاجيال في ظل الديمقراطية وحقوق الانسان
مقدمة الفصل الاول
ان التنمية المستدامة تعني تزويد الفرد بالخبرات والمعارف والاتجاهات الضرورية وكذلك تعويده على عادات مفيدة، فالمعارف والخبرات وحدها لاتكفي فلا بد ان يتعود الفرد على عادات لها علاقة بالمحافظة على الموارد وخصوصآ غير المتجددة وحسن توظيف الدخل والتفكير في الاخرين المحيطين به والتفكير في مستقبل الاجيال التالية.
الانسان الحر سياسيآ يمكنه ان يشارك في عمليتي التخطيط وصنع القرار، ويمكنه مع بقية المواطنين ان يضمن تنظيم المجتمع عن طريق توافق الاراء والتشاور بدلآ من تنظيمه عن طريق الاملاء من جانب الصفوة الاتوقراطية.
ان تاريخ اقطارنا منذ نهاية الحرب الاولى حتى اليوم، يرينا كيف افرغت دساتير من مضامينها التي هي من مصلحة الشعب وكيف زورت انتخابات نيابية او اجريت استفتاءات مزيفة، وصدرت قوانين تهدد حقوق الشعب وحقوق الانسان وحرياته الاساسية المقررة له في الدستور، ان بعض الاقطار العربية لها دستور للحكم، ولكن صدور دستور لقطر ما لايعني ان الحكم في تلك الدولة اصبح ديمقراطيآ، فالحكم الديمقراطي يحتاج الى حق مستمر بالطاقة والجهد والذكاء.
ان العبرة في احكام الدستور والمبادئ التي يقوم عليها والمؤسسات التي يقيمها- حتى اذا كان ذلك سلميآ – تبقى في تطبيق احكام الدستور تطبيقآ امينآ، فبعض اقطارنا لادساتير لها، وبعضها الاخر لها دساتير ولكن معطلة، وبعضها الاخر لها ايضآ دساتير استثنائية تفرغ الدساتير الاصلية من مضمونها، فلا يمكن ان يتسم الحكم الديمقراطي بالكمال، فهو يتطلب تجديدآ صبورآ وبحثآ مستمرآ عن افضل توازن بين جماعات المصالح والاولويات الاجتماعية المتعارضة، ولكن هذه العمليات يمكن ان تضمن كون التنمية متمحورة حول الناس.
لقد تلقت الامانة العامة لجامعة الدول العربية دعوة من السكرتير العام للامم المتحدة في اوخر عام 1967(مذكرة رقم 234 في 15/12/1967) وبناءآ على هذه الدعوة عرضت الامانة العامة مذكرة (رقم 1510 بتاريخ 5/2/1968) على مجلس الجامعة في دورته الخمسين، فأصدر قراره رقم 2343 في ايلول/ سبتمبر 1968 والذي نص على الموافقة على انشاء لجنة عربية دائمة لحقوق الانسان في نطاق الجامعة حسبما تضمنه تقرير الامانة العامة (قرار رقم 2443 في 3/9/1968)، فقد كافحت المجتمعات في شتى انحاء العالم لعدة قرون من اجل بناء توافق اراء من خلال نظم التداول والتـفاوض.
لقد دعت الامانة العامة الى مؤتمر عربي اقليمي لحقوق الانسان عقد في بيروت مابين 2-10 كانون الاول / ديسمبر 1968. هذا المؤتمر الذي عقد من اجل صوغ المبادئ الرئيسية لحقوق الانسان العربي، اصدر بيانآ تضمن: دعم العمل العربي المشترك في مجال حقوق الانسان على الصعيدين القومي والدولي وتأييد جهود تحقيق السلام العالمي، والاشادة ببطولة الشعب الفلسطيني، وشكر للدول التي تؤيد الشعب الفلسطيني، ودعوة الدولة المساندة لاسرائيل للتخلي عن هذه المساندة، ومطالبة الامم المتحدة بموقف حازم ضد اسرائيل.
وبعدها اصدر المؤتمر ثمانية قرارات تضمنت، استنكار العدوان الاسرائيلي على اربد، والتنديد لاسرائيل لاعتقالها ثلاث سيدات فلسطينيات، والثالث وهو المتعلق بممارسة البلاد العربية لحقوق الانسان، ويتكون من ثلاث فقرات، فقرة تؤكد على ماورد في الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وفقرة ترجو الامين العام للجامعة عقد مؤتمر خبراء شؤون اجتماعية لوضع ميثاق للعمل الاجتماعي، وفقرة تدعو لحلقة دراسية لدراسة ما توصل اليه هؤلاء الخبراء، اما الرابع فهو يدعو لانشاء اللجنة العربية الدائمة لحقوق الانسان وانشاء لجان وطنية تتعاون مع اللجنة العربية.والقرارات من الخامس الى الثامن تتحدث عن اهدار الاستعمار لحقوق الانسان في فلسطين وعن المقاومة العربية في فلسطين ووضع خطة اعلامية ومعاملة الانسان العربي في فلسطين، وحقوق المدنيين الفلسطينيين والرأي العام العالمي وموقفه من قضية فلسطين.
هكذا بدا العمل العربي المشترك حول قضية حقوق الانسان، وهكذا وضع الاباء المؤسسون مفهومهم لحقوق الانسان العربي، انه الانسان الفلسطيني المحروم من حقوقه الانسانية على ايدي الاستعمار والصهيونية. اما الانسان العربي غير الفلسطيني، فمشكلته تحتاج الى لجنة من خبراء الاجتماع والى لجنة تدرس مادرسته اللجنة الاولى، فالنظم السياسية على الصعيد الوطني تستند بدرجة اكبر الى حكم الاغلبية فقد ادى تزايد وجود الدولة القومية وتزايد مستويات التكامل الاقتصادي والاجتماعي الى اشكال من الحكم مبنية بدرجة اقل على توافق الاراء وبدرجة اكبر على خلاصة مجموع اصوات الافراد.
ان الجميع يدرك مأساة حقوق الانسان في الوطن العربي، فتوفر الحد الادنى من حقوق الانسان هو الاساس لبناء أي نظام ديمقراطي، ويجب الا نقتصر على تحليل هذا الوقع المؤلم، بل ينبغي ان تكون لدينا رؤية واضحة فيما يتعلق بكيفية تغيير هذا الوقع بأن يواجه الموقف من الناحية العملية، وقد رأت مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والنور في مختلف اجزاء الوطن العربي، وان بعض مخططات التنمية العربية بدات في اواخر الخمسينات واوائل الستينات من القرن العشرين، وقد وضعت وفق فلسفات تأثرت بالايديولوجيات السائدة.
وقد يتبادر الى اذهاننا تساؤل هل ينبغي ان نكافح من اجل الوصول الى توفير حقوق الانسان دفعة واحدة. أم ان الواقع يتطلب منا ان نكافح من اجل هذه الحقوق وانتزاعها حقآ حقآ، او تحقيق اجزائها جزءآ جزءآ، لقد تحققت في الثلاثين سنة الماضية بعض الحقوق خصوصآ في المجال الاقتصادي والاجتماعي لوضع المرأة وحقوق العمال مثلآ، وهذا على الاقل في بعض البلدان العربية وهناك قضايا في حقوق الانسان تمس الوطن العربي ككل وبعضها تقتصر اثاره في حدود كل قطر على حدة.
ان التنمية المستدامة صفة يجب ان تتصل بالمجتمع وليس بالفرد، ويتطلب هذا وضع مخططات تنموية ذات بعد زمني كبير ويتجاوز الخمس والعشر سنوات، مخططات تأخذ في حسابها وضع تصور لشكل المجتمع في قرن قادم او حتى اكثر مع تـقدير لمساهمة مختلف المتغيرات وخصوصآ ذات الطبيعة العالمية.