You are here

قراءة كتاب التنمية المستدامة والأمن الاقتصادي

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
التنمية المستدامة والأمن الاقتصادي

التنمية المستدامة والأمن الاقتصادي

ان التنمية المستدامة تعني تزويد الفرد بالخبرات والمعارف والاتجاهات الضرورية وكذلك تعويده على عادات مفيدة، فالمعارف والخبرات وحدها لاتكفي فلا بد ان يتعود الفرد على عادات لها علاقة بالمحافظة على الموارد وخصوصآ غير المتجددة وحسن توظيف الدخل والتفكير في الاخرين

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 10

ترشيد استخدام المياه والتنمية المستدامة

تقع مساحات كبيرة من الاراضي الزراعية في المنطقة المدارية وشبه الاستوائية ذات الطقس الدافيء شتاءاً والذي لا يعتبر مناسباً لانتاج محاصيل المنطقة المعتدلة كالقمح والشعير والذرة الشامية، ويقع جانباً آخر من الاراضي حول حوض البحر المتوسط وفي المناخ المعتدل المناسب لانتاج الحبوب، إلا أن تدني معدلات هطول الامطار وغياب الانهار يحد من استغلال الامكانات المتاحة في هذه المناطق.
وتتعرض الاراضي في كل من العراق وسوريا والسودان والصومال الى عوامل التعرية والانجراف بفعل ضعف الغطاء النباتي، كما تسبب الزراعة المروية في سوريا والعراق الى تملح جزء كبير من الاراضي الجديدة المستصلحة بسبب سوء ادارة المياه وعدم وجود نظام صرف جيد، وللتخلص من مشكلة التملح يقوم العراق بزراعة الارض مرة كل سنتين، وتفقد سوريا سنوياً حوالي 5000 هكتار بفعل التملح، وتؤدي عملية حراثة الاراضي الجدبة ذات الامطار المحدودة والرعي الجائر لمناطق البادية الى تعرية وانجراف التربة الزراعية في عدد من الدول العربية، اضافة الى عامل الجفاف المستمر في السهل الافريقي وعدم وجود زراعة أدى الى تدهور أيضاً في التربة الزراعية يقدر بحوالي 15 مليون هكتار في السودان.
وتعاني بعض الدول العربية المطلة على البحر المتوسط من تزايد أثر ملوحة البحر مثل ليبيا وارتفاع نسبة الملوحة في الماء الارضي مثل جمهورية مصر العربية، وقد أدى التزايد السكاني الى تحول جزء كبير من الاراضي الزراعية الخصبة الى مساكن والى تحول جزء كبير منها من أراضي للزراعة مرتفعة الاسعار للتجارة.
لقد انخفض نصيب الفرد من الاراضي الزراعية من 3600 م2 في الفترة 74-1978 الى 2700 م2 عام 84-1988 على مستوى الوطن العربي، فقد أدى الاستثمار الكثيف للاراضي الزراعية في بعض المناطق الى استنزاف خصوبتها وظهور نقص العناصر الكبرى والصغرى مما يتطلب اعادة دراسة المعادلة السمادية، كما تهدف بعض الدول العربية الى قيام استثمارات كبيرة في مناطق شبه جافة مثل السعودية وليبيا ومصر وسوريا سببت ضعفاً كبيراً في المخزون الجوفي من المياه وارتفاع تكاليف الاستثمار، كما زادت من ملوحة التربة، لذا وجب اختبار المحاصيل المناسبة وفق مبدأ تكاليف الفرصة البديلة Apportanity cost.
لقد كانت الاهداف السابقة للسياسة الزراعية هي زيادة المتوفر من المياه للري والتحكم في الفيضانات وحفر الآبار واقامة الحواجز والحفائر لتجميع مياه الامطار وكل هذه الجهود التي بذلت تعتبر حلولاً للمشكلة من ناحية العرض وبظهور الندرة في المياه كمشكلة يتعين وضع السياسات اللازمة لمعالجتها من ناحية الطلب على الاستخدامات، ويشكل ذلك ايجاد طرق بديلة للري مثل الري بالتنقيط والري بالرش.
وفي حالة توفر البدائل في الري لا بد من تفعيل آليات السوق كأداة لتقييم كل بديل للحكم على مدى ملاءمته لحالة معينة، هذا بالاضافة الى الاستخدام بشكل عام وفق قانون العرض والطلب، للحد من اهدار هذه السلعة المهمة، ولكي يكون من الممكن تقدير تكلفة انتاج المحاصيل على الوجه الصحيح وفقاً لمبدأ الفرصة البديلة.
ففي بعض البلدان أخذت بمبدأ تسعير مياه الري كما في سوريا والسودان، ويؤخذ سعر ثابت على وحدة مساحة الارض المروية. وإذا كان تسعير مياه الري وسيلة مناسبة وعملية للاقتصاد وفي استخدام مياه الانهار، فإن مياه الآبار التي تستغل فيها مخزونات مائية متجددة تثير اشكالاً من نوع آخر، وهذا النمط من الري مستخدم بتوسع في العديد من البلدان العربية مثل ليبيا والاردن وسوريا والسعودية.
واستناداً الى تجارب الامم الاخرى فمن الضروري موازنة معدل استغلال مخزون المياه الجوفية بمعدل تغذية هذا المخزون من المصادر الطبيعية المختلفة، أما في حالة المخزونات غير المتجددة فيكون من أهداف السياسة الزراعية التحكم في استغلال المخزون لاطالة عمره بقدر الامكان، ولهذه الاغراض يمكن تسعير استخدام المياه الجوفية بأجهزة قياس حجم المياه المستخدمة.
إن ندرة المياه من المشاكل التي تعاني منها الزراعة العربية وخاصة زراعة الحبوب، ويتوقع أن تصبح المشكلة أكثر حدة في المستقبل القريب، مما يتطلب سياسة مائية حكيمة، تكون جزءاً من السياسة الزراعية لادارة هذا المورد الحيوي للزراعة.
فإن نصيب الفرد المتوقع من الموارد المائية المتوفرة من المصادر المحلية المتجددة ومن مصادر خارج حدود الدولة هو 1000 م3 للفرد كحد أدنى، والذي يجب توفره كي لا يكون هناك قيد على التنمية في أشكالها المختلفة، كما يعتبر توفر 2000 م3 من المياه الحد الادنى الذي توفره لكي لا تتعرض الدولة لنقص في المياه أحياناً خاصة في فترات الجفاف. وباعتبار الموارد المائية من المصادر المحلية، يتوقع أن تكون كل الدول العربية باستثناء الصومال دول تعاني الندرة في المياه، أما إذا أخذنا في الاعتبار أن الموارد المائية من خارج الحدود فستتحسن الصورة لبعض البلدان.

Pages