You are here

قراءة كتاب مقدمة في علم النفس

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
مقدمة في علم النفس

مقدمة في علم النفس

كتاب "مقدمة في علم النفس"، تأليف :أ.م.د.نبيهه صالح السامراتي أ.م.د. عثمان علي أميمن، يستهدف هذا الكتاب مناقشة وتحديد وتحليل أسس ومفاهيم علم النفس بإسلوب علمي مبسط كمقدمة للقارئ أو الباحث أو الطالب المبتدئ .

تقييمك:
2.5
Average: 2.5 (2 votes)
المؤلف:
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 8

موضوع علم النفس

كان علم النفس فرعاً من فروع الفلسفة ثم انفصل عنها ، وتحرر من مناهجها ، فأصبح له موضوعه الخاص ومنهجه العلمي وطرقه الخاصة في البحث. ولقد تعددت مواضيع علم النفس عبر حقب التاريخ المختلفة وذلك لكثرة المراحل التي مر بها ، ولتعدد الباحثين فيه وتباين مدارسهم . لذلك ليس من السهل تحديد موضوع علم النفس. حظي علم النفس منذ استقلاله عن الفلسفة باهتمام الكثير من الباحثين ، وهو يلقى اليوم اهتماماً بالغا ، وتتسع مجالات الدراسة فيه كما وكيفا ، لا بل وقد أصبحت له صلة كبيرة بغيره من العلوم الاجتماعية وبعض فروع علم الأحياء التي تقاسم مواضيعها ، موضوع علم النفس ، فنجد اليوم فروعاً لعلم النفس مثل : علم النفس الاجتماعي ، علم النفس الفيزيولوجي ، علم النفس الجنائي ، علم النفس البيئي الخ ... وتلخص عبارة " وود ورث " الشهيرة التالية المراحل المختلفة التي مر بها موضوع علم النفس : " ان علم النفس قد زهقت نفسه ، وتلاشى عقله، وأمحي شعوره ، ولم يبق إلا مظهره الخارجي الذي يبدو في السلوك .
استهدف علم النفس عند الفلاسفة القدماء البحث في ماهية النفس أو في طبيعة العقل ، فاعتبر بعضهم مثل " دلتى " ان علوم الإنسان وأولها علم النفس ، هي علوم العقل . واعتبر " ديكارت " فيلسوف القرن السابع عشر أن الإنسان يمتاز عن الحيوانات بالعقل ، وأن وظيفة العقل هى التفكير والشعور ، فاعتبر البعض أن علم النفس هو علم الشعور . ثم ظهرت مدرسة " فرويد " التي تفسر السلوك الإنساني من خلال تفسير اللاشعور ، وبأن التأمل الباطني هو الطريق لدراسة الإنسان . وتقول بأن علم النفس هو السلوك ، منطلقة من أن سلوك الكائن الحي تحركه مثيرات فيزيقية . أي أن سلوك الكائن الحي هو استجابة لتلك المثيرات الفيزيقية ، وأن علم النفس هو الذي يدرس هذه الاستجابات الظاهرة .
وقد سبق السلوكيين علماء يعتبرون أن موضوع علم النفس هو السلوك .
فهذا " كاتل " يقول بأنه غير مقتنع بضرورة حصر علم النفس في دراسة الشعور في حد ذاته وبأنه لا يوجد تضارب بين التحليل الاستنباطي والتجريب الموضوعي، ويقول : أن القول بأن علم النفس غير ممكن الوجود بدون استبطان قولا تكذبه الحقائق . وعرف " ماكدوجل " علم النفس بأنه العلم الوضعي لدراسة سلوك الكائنات الحية . وهكذا يتضح لنا أننا لا نستطيع أن نحصر موضوع علم النفس في دراسة الشعور أو اللاشعور فقط دون النظر الى السلوك ، أو أننا نقصر دراستنا على السلوك أو النشاط الكلي الذي يصدر عن الإنسان كل والذي تحركه دوافع بيولوجية ونفسية واجتماعية .
تركز مباحث علم النفس أذن اليوم على الإجابة عن عدة تساؤلات مثل : ما هو التفكير ؟ وما هو الذكاء ؟ ما هو الإدراك ؟ ما هو الإبداع ؟ ما هو التعلم ؟ كيف نتعلم؟ كيف نتذكر وكيف ننسى ؟ كيف نفكر ؟ كيف نسمع ؟ لماذا ننسى ؟ لماذا ننفعل؟ لماذا نحب ونكره ؟ الى غير ذلك من المواضيع التي يهتم علم النفس بدراستها . وقد يحاول علم النفس الإجابة عن أسئلة مثل : لماذا زيد أسرع تعلماً من عمر ؟ لماذا بعض الطلاب في الامتحانات ؟ لماذا يسرق بعض الأفراد ؟ لماذا يتخلف بعض الطلاب دراسياً عن غيرهم ؟
يسعى علم النفس إذاً إلى الإجابة عن ثلاثة أسئلة هي :-
- ما هي السلوكيات التي تصدر عن الفرد ؟
- كيف يحدث سلوك الكائن العضوي ؟
- لماذا يحدث سلوك الكائن العضوي ؟
وهكذا يتضح أن علم النفس لا يشغل نفسه بماهية النفس أو نشأتها أو مصيرها. لأن ذلك من اختصاص الفلسفة . فعلم النفس لا يبحث في النفس وإنما يبحث في السلوك . لقد لصقت به تسميته بـ " علم النفس " من الماضي وحتى اليوم رغم أن هذه التسمية لا تمت إطلاقاً بصلة لموضوعه . لقد اهتم علم النفس قديماً بمحاولة فهم العقل الإنساني وتحليله وتريبه . أما علم النفس اليوم فانه يهتم بالكشف عن المبادئ والقوانين التي تفسر سلوك الإنسان في مختلف أحواله وأطواره ، كما يستهدف تحسين العلاقات الاجتماعية بين الأفراد ، وزيادة عطاء الإنسان والمحافظة على الصحة النفسية للفرد والجماعة ، وحل المشكلات المختلفة في ميدان التربية والتعليم . ونظرا لاختلاف اسم علم النفس عن المواضيع التي يدرسها ، يقترح بعض العلماء بان يستبدل اسمه باسم آخر ألا وهو علم السلوك أو علم الطبيعة البشرية .
وأذا كان علم النفس يدرس سلوك الإنسان في إطاره الكلي فما هي طبيعة السلوك الإنساني ؟ وما هي مميزاته وأهدافه ؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في المناقشات التالية:
يتفاعل الإنسان مع بيئته لإشباع حاجاته المادية والمعنوية المختلفة ولتحقيق أهدافه التي حددها لنفسه . بيد ان الإنسان يواجه بالكثير من الصعوبات التي قد تعرقل تحقيق بعض أهدافه . لذلك نجده يحاول جاهداً التوفيق بين حاجاته وظروف بيئته ، أو يعدل سلوكه لكي يتوافق مع ظروفه الشخصية وظروف بيئته .
والإنسان هو الكائن الوحيد الذي يستخدم ذكاءه ولغته وسبل تفكيره ، وتطبيق ما تعلمه من معارف ، وما مر به من خبرات في حل المشكلات التي تجابهه . والإنسان يسعى لتحقيق أهدافه النفسية والاجتماعية في ظل القيم والمعايير السائدة في مجتمعه .
وفي أحيان أخرى نجده يغير من ظروف بيئته الفيزيقية والاجتماعية بشكل يمكنه من بلوغ أهدافه وتحقيق توافقه . النضال بين الإنسان وبين بيئته أزلي ومستمر ومتبادل . فالبيئة ترغم الإنسان على التوافق معها بشكل معين ، والإنسان يعدل بيئته لكي تتوافق معه بشكل معين أيضاً . لذلك كانت دائماً العلاقة بين الإنسان وبيئته علاقة أخذ وعطاء ، وفعل وانفعال ، وتأثير متبادل ، ونضال مستمر.
وعندما يتفاعل الإنسان مع مثير ما في بيئته النفسية أو الاجتماعية ، فأنه يتفاعل معه بفكره ومشاعره وجسمه . وأذ يستجيب الإنسان لمثير ما ، فأنه قد يستهدف إشباع دافع فطرى ، مثل إشباع دافع الجوع أو الأمن أو العطش أو الجنس ، أو حفظ النوع ، أو تكوين أسرة ، أو شغل منصب اجتماعي مرموق ، أو الانخراط في عضوية جماعة ما الخ ... وهذا يتضح أن الأوجه المختلفة من النشاط العقلي والانفعالي والجسمي والحركي التي يزاولها الإنسان أثناء تفاعله مع بيئته والتي تعكس تأثيره أو توافقه ... الخ. هي موضوع علم النفس .

Pages