كتاب "مقدمة في علم النفس"، تأليف :أ.م.د.نبيهه صالح السامراتي أ.م.د. عثمان علي أميمن، يستهدف هذا الكتاب مناقشة وتحديد وتحليل أسس ومفاهيم علم النفس بإسلوب علمي مبسط كمقدمة للقارئ أو الباحث أو الطالب المبتدئ .
You are here
قراءة كتاب مقدمة في علم النفس
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
أهداف علم النفس
لعلم النفس عدة اهداف ومن بين هذه الأهداف :-
1) الوصف :- يستهدف علم النفس إعطاء تقرير عن الظواهر القابلة للقياس والملاحظة ومعرفة العلاقات التي تربطها ببعضها البعض . ويستخدم الباحثون وسائل جمع البيانات الاختبارات والمقابلات الشخصية والاستخبارات والملاحظة لرصد السلوك الإنساني بدقة . وثمة نماذج سلوكية يمكن للباحث النفسي رصدها وتدوين ملاحظات بصددها مثل ملاحظة السلوك العدواني لدى المراهقين وملاحظة سلوك الأخبار السارة كالنجاح ، ومظاهر الاكتئاب والقلق والخوف وما الى ذلك . ويستند الوصف الى التصنيف . لذلك نجد الباحث النفسي يقسم السلوك الى جوانب متشابهة ويضع لها أسماء . فيقول أن هذا سلوكا عصابيا أو ذهانيا ، وذلك سلوكا سويا . ويعتبر السلوك عصابياً متى ما تجاوز في تكرار حدوثه المعدل الطبيعي . فالأرق المتكرر والصداع العنيف ومشاعر القلق والخوف والضعف العصبي الشديدة ، مثلاً تصنف على أنها سلوكيات عصابية غير سوية أو مؤشراً على ذلك .
كما يصنف الناس الى أنماط . فتقول أن هذا الفرد ينتمي الى النمط البدين وذلك ينتمي الى النمط المزاجي أو العضلي الخ ... كما يصنف الأفراد وفق الأبعاد الأساسية لشخصياتهم . لذلل نحن نقول بالبعد الأنبساطي - العصابى ، وبعد السيطرة - الخضوع ، وبعد المرح - الاكتئاب الخ ... ويستهدف تصنيف الناس حسب أبعاد شخصياتهم معرفة درجة الفرد على مقياس السيطرة - الخضوع مثلاً على اعتبار أن الفرد لابد وأن يكون له موقع على متصل هذا البعد . فيكون مثلاً مسيطراً أو خاضعاً بدرجة أو يجمع بين السيطرة والخضوع . ووفق نظرية الأبعاد لا يملك الفرد السمة أو لا يملكها . وهو ما يعنى أن الناس يختلفون في امتلاك السمة اختلافاً كميا وليس اختلافاً كيفياً . وهكذا يتضح أن غاية علم النفس في النهاية - كأي علم آخر - هو الاهتمام بالعموميات والاختصار وتصنيف الأشياء وفق تشابهها في لون معين .
2) التفسير :- يستهدف علم النفس تفسير الظواهر النفسية ومعرفة العوامل الكامنة وراء ظهورها والمبادئ والحقائق التي تحكم حدوثها ، وذلك بهدف فهم السلوك الإنساني فهما جيداً ومن ثم التنبؤ به . وتفسير السلوك تفسيراً موضوعياً ومعرفة أسبابه يساعدنا على فهم أنفسنا وفهم الآخرين . وغاية علم النفس - كأي علم آخر - هي وضع الفروض المفسرة لمشكلة نفسية ما ، ثم جمع المعلومات بصددها لمعرفة مدى صحة فروضنا من عدمها . وقد يبدأ الباحث النفسي عند دراسة موضوع نفسي ما بإثارة أسئلة يحاول ان يجيب عنها ، مثل : لماذا يرتفع معدل القلق لدى الأفراد هذه الأيام ؟ لماذا الإناث أكثر خوفاً واكتئاباً من الذكور ؟ لماذا الإناث أكثر خجلاً في مرحلة الرشد من مرحلة الطفولة ؟ لماذا يكتئب الناس اليوم أكثر من الأمس ؟ الى غير ذلك من الأسئلة . بالطبع أن الإجابة عن مثل هذه الأسئلة تتطلب من الباحث النفسي الإجابة عنها من خلال جمع المعارف المدونة في المصادر المختصة بها ، أو من خلال جمع بيانات عنها عن طريق الملاحظة ، أو من خلال توجيه أسئلة مفتوحة لأصحاب المشكلة ، بغية جمع بيانات حية وحديثة عنها ، ثم صياغة فروض تفسرها وتفسر أسباب حدوثها أو إثارة أسئلة بصددها مثل : هل هناك علاقة بين انتشار الاكتئاب وبين كثرة انطواء الفرد وانعزاله ؟ وقد يبني الباحث مقياساً عن موضوع بحثه من خلال المعارف التي تحصل عليها بصدد مشكلة بحثه من خلال ملاحظته أو من خلال تبويب البيانات التي تحصل عليها عن طريق دراسته الاستطلاعية بغية إخضاع تساؤلات بحثه للاختبار الأمبيريقي .
3) التنبؤ :- يقودنا التفسير الصحيح لمشكلة ما الى التنبؤ بحدوثها في حالة توفر الظروف التي تساعد أصلاً على تكونها . والافتراض الدقيق والموضوعي لتفسير مشكلة ما ، والمنهج العلمي المناسب - لدراسة موضوع المشكلة - من المتطلبات الأساسية التى تساعدنا على التنبؤ بحدوث هذه المشكلة أو الظاهرة مستقبلاً . لذلك استطاع الباحثون النفسانيون أن يتنبؤ بالآتي مثلاً : لا يصلح من يتسم بسمة الانفعال الشديد أن يكون قائداً للجماعة . وأن انعزال الطفل في صغره لابد وأن يخلق منه أنساناً مكتئباً في الكبر . ولا شك أن التنبؤ بالسلوك لابد وأن يكون مبنيا على ما زودتنا به أدوات القياس من نتائج . ويصبح التنبؤ أمراً علمياً صحيحاً وممكناً عندما نتمكن من معرفة العوامل الأساسية والظروف المناسبة التي أدت الى حدوث سلوك ما .
لكن تقل درجة تنبؤنا بالسلوك بدقة عندما تتعدد العوامل الكامنة وراء حدوثه . وللتنبؤ قيمة اقتصادية كبيرة . فهو يوفر الوقت والجهد والمال على الباحثين . فالتنبؤ السليم يمكننا من التعميم الصحيح على الحالات المشابهة لحدوث السلوك أو توقع حدوثه . ولذلك ترتفع قيمة البحث النفسي عندما يمكننا من التنبؤ الصحيح بسلوك ما . وعلى هذا الأساس ينظر اليوم الى أن من مميزات النظرية الجيدة هو قدرتها على تفسير السلوك والتنبؤ بحدوثه .
4) الضبط :- لاشك أن هناك عوامل مسئولة عن حدوث سلوك ما . وبهذا فإن من أهداف علم النفس هو التعرف على تلك العوامل المسئولة عن حدوث ذلك السلوك . ويسمى العامل الذي يؤدي الى حدوث سلوك ما أو مشكلة ما بالمتغير المستقل أو بالسبب . ويسمى السلوك الحادث أو المشكلة الحادثة بالمتغير التابع أو النتيجة . وقد تكثر المتغيرات المسئولة عن حدوث سلوك ما أو تقل . ولذلك فأن من بين غايات علم النفس هو ضبط المتغيرات التي تؤدي الى حدوث سلوك ما ، ومعرفة درجة أهميتها وتداخلها . ويبدأ الضبط بتحديد العوامل المسئولة عن سلوك ما ، تم اختبار قوة العلاقة بين المتغير المستقل (أ) مثلا والمتغير التابع (د) ، ثم اختبار قوة العلاقة بين المتغير المستقل (ب) والمتغير التابع (د) ، ثم اختبار قوة العلاقة بين المتغير المستقل (ج) والمتغير التابع (د) وهكذا . يساعد مثل هذا الأجراء الباحث على تحديد العوامل المسئول عن حدوث المتغير التابع (د) مثلا بدقة وأهمها .
وقد يجمع الباحث بين أي متغيرين مستقلين بالتناوب لاختبار دورهما معاً في حدوث المتغير التابع . وتتم عملية ضبط المتغيرات المستقلة المسئولة عن حدوث متغير تابع ما عادة ، وبضبط العوامل والظروف التي تساعد على أو تؤدي الى حدوث المتغيرات التابعة . فإذا افترضنا : أن ضعف الملاحظة يدفع بعض الطلاب الى الغش في الامتحانات ، فأن ضبط المتغير المستقل " ضعف الملاحظة " يمكن التحقق منه برفع درجة الملاحظة الصارمة على الطلاب . فأي تلاشي الغش، كان افتراضنا صحيحاً ، وأن لم يختف الغش ، فذلك يعنى أن هناك متغيراً آخر مسئولاً عن حدوث الغش ، وعلينا افتراضه وضبطه في إطار متغيرات آخرى لمعرفة مدى دوره في حدوث السلوك المراد دراسته أو تفسيره . وثمة بعض المصادر التي تساعدنا على دقة التنبؤ والضبط . ومن بين هذه المصادر كما يذكرها ( عبد الخالق ، 1993 ) :-
1) المنبهات البيئية التي قد تسبب السلوك .
2) الدوافع البيولوجية والاجتماعية للسلوك .
3) إدراك الفرد لبيئته .
4) التعلم وتغيير الفرد سلوكه كي يناسب مطالب البيئة الجديدة .
5) تذكر الحوادث السابقة ومدى تأثيره في إدراك الموقف .
6) طريقة الفرد في التفكير وحل المشكلات ( عبد الخالق ،1993 : 26 ) .