تسلقت تلك الأسوار المشيدة من الألم والمرصوفة بالآهات... اقتحمتها حاملاً قلماً حبره الصدق وريشته الأمان... تداخلت بين ردهات الأسرار... فتشت في صفحات العذاب... تعمقت في جنبات الغموض.. أبحرت في شطآن الوضوح... حاورتهم بقلب حان...
You are here
قراءة كتاب أسرار خلف الأسوار
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
توفي والداي وأنا في العشرين من عمري تقريباً.. علمت أنهما توفيا كلّ في حينه... ولكنني لم أشعر وأحس بفقدهم وفراقهم إلا بعد تسعة عشر عاماً من وفاتهما.. حضرت مراسم العزاء... كان حضور جسد بلا روح فلقد كنت في غيابي الإنساني وضياعي العقلي.. كنت أتلقى التعازي بوفاتهما وأنا في نشوة إدماني.. أحسست وقتئذ بأن من معي يتلقى العزاء والمواساة في وفاة والديّ أما أنا فكنت أتلقى العزاء في نفسي لما كان ظاهرًا علي من آثار الإدمان! زادت مشاكلي مع إخوتي وأقاربي ومع من حولي... والأهم زادت مشاكلي حتى مع نفسي وكانت تختلف في مضمونها حتى أنها تصل إلى حد التهديد بالقتل لهم وعلى مرأى من جميع أفراد الأسرة سواء أكانوا رجالاً أم نساءً وحتى أطفالاً ومن تلك المواقف الدامية وعلى سبيل المثال لا الحصر... في أحد الأيام كنت في حالة «سكر» حتى الثمالة، ذهبت إلى أخي سالم لطلب بعض المال ولكنه رفض أن يعطيني وفي أثناء المشادة بيننا اقتحمت حرمة بيت أخي ودخلت غرفة جلوسهم واختطفت أصغر أبنائه من حجر أمه اختلعته من الأمان وأودعته كهف الخوف، وضعته بين يدي وكان عمره سنتين تقريباً وأخرجت سكيني الحادة من جيبي وشددت الطفل بكل قسوة إلى صدري ووضعت تلك السكين على رقبة الطفل وهددت أخي إذا لم يعطني المال سوف أجعل السكينه تأخذ دورتها وأفصل تلك الرقبة عن بقية الجسد وسوف أذبحه كما تذبح الشاة.. أصاب الذهول أخي لأنه يرى انهيار الإنسانية بل إنه يشهد موتها.... أغمي على زوجته من كثرة الصراخ والتوسل، وبكاء إخوته كان يدوي في جميع الاتجاهات، لم آبه لذلك بل مررت تلك السكينة بطريقة خفيفة حتى جرحت رقبة الطفل وسال الدم من رقبته ومع سقوط قطرات الدم سقط أخي أيضاً مغشياً عليه بعدها صرخت بأعلى نبرات صوتي وكأنه زئير أسد انقضّ على فريسته أجبرت ابن أخي الأكبر بأن يتحرك إلى جيب أبيه ويخرج محفظة النقود ويعطيني ما بداخلها واختطفت النقود وذهبت مسرعاً بعد أن رميت بجسد ابن أخي وتركته مضرجَاً بدمائه بين دموعه... لم أبال بكل المشاهد المحزنة والمآسي التي سببتها في بيت أخي ولم تتحرك مشاعري بل أحسست أنني بلا مشاعر لم أهتم بما آل إليه مصير هذه العائلة بل تركتهم جميعاً يواجهون طعناتي وظفرت بغنيمتي التي سلبتها من قوتهم وحقوقهم.
قطع أخي أحمد دراساته العليا وأمات طموحه وتوقف عن الاستمرار في حلمه.. والحقيقة أنا من فعل كل ذلك به، لأن تلك المشاكل تجاوزت كل الحدود فقرر إخوتي أن يضعوا حداً وحلاً لهذه الخروقات والتعديات وكان مخرجهم وحلهم اللذان أجمعوا عليهما وقتئذ أن أستقل بنفسي وأسكن بمفردي في أحد المنازل التي ورثها والدي، وبهذا فقد وجدوا طريقاً للخلاص من مشاكلي ووجدت الطريق الممهدة في مسيرة ضياعي.. ومن بعدها أصبح مسكني أشبه بمصنع يخرج كل ماهو قذر ورذيل للمجتمع.. تحول المسكن إلى مرتع للضالين ومتنفس للمفسدين.. حيث كان مشروعاً لصناعة الخمور.. ومستودعاً لكل أنواع المخدرات.. ومركزاً لبيع السموم... ووكراً يبث كل الشرور.
زادت وحشيتي.. انعدمت انسانيتي كنت كثير المشاجرة مع محيطي لكي أعزز من هيبتي ومكانتي كنت أضرب من يقع في يدي بكل فظاظة وبلا رحمة أوشفقة وفي نهاية كل جولة من الضرب لابد من أن أضع على ضحيتي وصمة مميزة أو علامة فارقة أو عاهة مستديمة لكي يعاير بها وتكون رسالة تحذير قوية لمن يريد أن يفكر.. مجرد التفكير فقط أن يتعدى على شخصي.. ومن تلك العلامات الكسر في أحد الأطراف ولابد أن يكون الكسر مضاعفاً وأيضاً التشريط بالسكين في مناطق واضحة على الوجه ويكون غائراً في الجلد، وإذا لم يكن هناك علامات فارقة في الضحية كنت أكتفي بأن يكون الأسلوب في الضرب هو ما يميز فريستي ويتم تركي للضحية التي أقوم بضربها بعد ظهور علامات تشعرني بالانتصار ومنها أن يتغير جميع ما يرتديه إلى اللون الأحمر ويكون هو اللون السائد على مظهره أو يدخل في حالة إغماء ويفقد الوعي من شدة الضرب.
هذه حياتي.. شرب مسكرات.. تعاطي مخدرات.. ضرب أبرياء.. اغتصاب حرمات.. معذرةً.. فإن لم أتطرق إلى الاغتصاب وهذا حفاظاً على مشاعر من يقرأ هذه الأسطر لما كان فيها من انعدام للإنسانية وخدش صريح وواضح للحياء ولكنني أشير فقط... أنه في جلساتنا في الليالي الحمراء كان يوجد معنا الكثير من النساء المنحرفات اللواتي دنسن طهارتهن.. وأضعن أنوثتهن.. ونزعن شرفهن جراء دخولهن هذا العالم.. عالم الانحلال.. كنا نمارس الجنس معهن.. كلٌّ له أهداف من تلك الممارسة! ولكنني كنت أعشق ممارسة الجنس مع من تكون عفيفة وغافلة عنه وكنت أتصيدهن تحت تهديد السلاح والضرب، ذات يوم كنت أجول مع أحد الأصدقاء في منتصف الليل وإذا بسيارة أجرة تسير أمامنا وفي المقعد الخلفي تقبع سيدة بكامل حجابها الشرعي، أشرت إلى صديقي بأن هذا هو صيد اليوم وأن الفريسة حاضرة لصيدها وأحكمت الخطة التي سوف ننال منها مرادنا وكانت تتمثل في كمين محكم لهذة السيارة ولمعرفتي بجميع الطرق والممرات في ذلك الحي وبطريقة معينة ودون أن يشعر سائق الأجرة جعلته يسلك طريقاً كان مغلقاً في نهايته ولابد لمن يرتاده أن يرجع أدراجه من حيث أتى.. استمررنا في السير خلفه إلى أن سلك هذا الطريق وكان ممراً ضيقاً جداً وجميع البيوت الملاصقة لهذا الممر من البيوت الشعبية القديمة وعند نهايته توقف سائق الأجرة لكي يرجع إلى الخلف من أجل الخروج من هذا الممر إذ دخل فيه خطأً كما يعتقد!!! لكننا وبسرعة أوقفنا سيارتنا خلفه وبذلك منعناه من الرجوع وبحركة سريعة اتجهت نحوها وأسرع صديقي إلى السائق ليتولى أمره وأشهرت مسدسي وغرزته في رقبة تلك السيدة مع وضع يدي الأخرى بقوة شديدة على فمها لأمنعها من الصراخ.. وفعلاً جرى ما كنا نصبو إليه واقتدت الأسيرة التي أصبحت أشبه بالغنيمة بعد الفوز في الحروب الطاحنة إلى مسكني أو فلتقل إلى مستنقع الرذيلة وعندما دخلنا غرفة الجلوس كان هناك أحد أصدقائي وكانت السيدة ملففة بسوادها وهي منذ البداية لم تتوقف عن البكاء والتوسل، كان بكاؤها يذرف دموع العفة وصرخاتها تطلق حروف الحشمة كانت شديدة الحرص على أن لايظهر جزء من جلدها الطاهر ولكن بكاءها وتوسلها لايجدان الصدى الحقيقي إلا عند من يحملون بين ثناياهم قلب إنسان.. أما أنا فكان الوحش الكاسر سيد أعماقي.. فوجئ صديقنا الذي كان في انتظارنا من هول ما رأى، أخبرني عندما انزوى معي في إحدى الغرف وقال لي:
- أنت ايش سويت.. مالقيت الا هذي البنت... هذي بنت جيرانا.. أنا فتشت شنطتها وشفت إثبات هويتها هذي أخت سامي صديقنا.. عيب عليك.
... اندهشت من ذلك وقلت له:
- معقول هذي!! أخت سامي صديقنا!! من جد طلعت ما افهم.. من جد عيب عليه... عيب عليه.. عيب... عيب...