كتاب " عصر إنحطاط الإمبريالية " ، تأليف أحمد عز الدين ، والذي صدر عن مكتبة مدبولي عام 2006 ، ومما جاء في مقدمة الكتاب:
You are here
قراءة كتاب عصر إنحطاط الإمبريالية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
عصر إنحطاط الإمبريالية
الباب الأول
تمهيــد المســرح الاستراتيجى أمام آلة الحرب الأمريكية
لقد بزغ عصر حروب المسلمين
(هينتنجتون)
استراتيجية قديمة هى دافع الحرب الأمريكية وليس ضرب الإرهاب
أهو قدر أمريكى ، أن تتحول أكثر الأفلام الأمريكية ، إثارة وجموحا من الخيال ، إلى وقائع حية تتنفس على الأرض جموحا أكبر ، وإثارة أشد ، أم أن ما يظهر أنه مجرد مصادفة قدرية فى دراما السينما الأمريكية ، لا يخلو من قصد عامد إلى التأثير فى دراما الحياة الأمريكية ، لتتم تهيئة المسرح لأحداث متفجرة مصنوعة بعينها ، قبيل ارتطامها بحائط الانفجار؟
قبل أن تصل قضية المتدربة السابقة فى البيت الأبيض (مونيكا) ، إلى ذروتها الميللودرامية المعروفة ، كانت دور العرض السينمائى ، فى الولايات المتحدة الأمريكية ، مشحونة بجمهور ضخم استولى عليه فيلم مثير اسمه (ذيل الكلب) ، يتحدث عن فضيحة رئيس أمريكى فى قضية نسائية مشابهة ، تحكم حلقاتها حوله ليكون سبيله العملى لإزاحتها والتخلص منها ، هو إشعال حرب واسعة عبر المحيطات .
وعندما وقف وزير الدفاع الأمريكى آنذاك ( وليام كوهين ) ليحدد خريطة الهجمات الأمريكية بالصواريخ ، على ما اسماه معاقل الإرهاب ، فى أفغانستان والسودان ، بعد ساعات من خطاب للرئيس كلينتون ، اعترف فيها اعترافا جارحا بالضعف الإنسانى فى علاقته النسائية ، طالبا الغفران من الأسرة والكنيسة ، كان أحد الصحفيين الأمريكيين هو الذى وقف طالبا من وزير الدفاع الأمريكى ، على رؤوس الأشهاد ، أن يكلف نفسه عناء الذهاب إلى أقرب سينما ، لمشاهدة فيلم (ذيل الكلب) لكى يكتشف بنفسه ، أن ما حدث فى الواقع ، هو تكرار حرفى لسيناريو الفيلم ، متسائلا عن جسور تلك الصلة الغريبة ، بين الخيال السينمائى والواقع الأمريكى .
غير أنه فى هذه المرة لم يجد مسئول أمريكى واحد فى أى مؤتمر صحفى ، صحفيا أمريكيا آخر ، يطلب منه أن يذهب ليشاهد فيلما أمريكيا آخر ، استقطب جمهورا أمريكيا أوسع ، وهو فيلم " الحصار " ، ربما لأن عرضه قد انتهى فى دور السينما قبل عامين، إذ أن الفيلم لم يكن أكثر من سيناريو مرعب ومثير يتضمن قيام مجموعة ، من إرهابيى الشرق الأوسط ، ببث قنابل شديدة الانفجار ، فى أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية ، تتسبب فى إحداث دمار هائل ، وخسائر فاجعة ، مما يدفع الحكومة الأمريكية إلى إعلان الحرب ، واعتقال جميع من تمتد جذورهم إلى الشرق الأوسط ، والزج بهم فى سجن كبير ، كأنه ولاية أمريكية إضافية .
ولهذا فإن هذا المجتمع الأمريكى ، الذى تمارس فيه الصورة المتحركة ، دورا هائلا فى بناء المفاهيم الأساسية ، وخلق اتجاهات الرأى العام ، لم يكن مدهشا أن تؤكد استطلاعات الرأى العام التى قامت بها شبكات الإعلام الأمريكى المختلفة ، فى أعقاب القصف الصاروخى للسودان وأفغانستان ، أن 80% من الأمريكيين قد أعطوا تأييدهم كاملا لهذا الهجوم الأمريكى بالصواريخ ، فوق خريطة الشرق الأوسط ، كذلك ليس مدهشا فى المرة التالية ، أن ترتفع نسبة المؤيدين للهجوم العسكرى الأمريكى فى استطلاعات الرأى العام إلى 90% ، وقبل أن تظهر نتائج التحقيق ، أو يبدأ الهجوم العسكرى .
* * *