You are here

قراءة كتاب ليلة الإمبراطور

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ليلة الإمبراطور

ليلة الإمبراطور

كتاب " ليلة الإمبراطور " ، تأليف غازي حسين العلي ، والذي صدر عن منشورات ضفاف .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 2

في البيت عرفت السر...

فسعاد أمانة المحافظة، تشبه المرحومة سعاد حسني، التي طالما استحضرتها إلى فراشي ليلاً. كنت أقول لها: أنا مغرم بك يا سعاد، ولم يفتني فيلم لك إلا وحضرته عشرات المرات. وكانت تضع عينيها في عيني، تضحك وتضحك حتى تغرق في الضحك، ثم تقول لي في غنج وهي ترمي نفسها في حضني: “وأنا كمان يا حبيبي.. بس وريني دلوقت حتعمل أيه؟” فأجدني أُقبّل شفتيها وأجوس الأرض من تحت قدميها.

لقد بان السر إذن، سعاد هي سعاد.. في حركاتها وسكناتها، في دلالها وغنجها، في تسريحة شعرها، في تطابق فمها وأنفها، وحتى في قوامها ومشيتها.

صباح اليوم التالي كنت أقف أمام مكتبها، ترددت قبل أن أدخل.. ترددت كثيراً، وقلت لنفسي غير مرة وقد اصفرّ وجهي واحمرّ: أدخل يا سعيد. ثم أعقبت: لا تدخل يا سعيد. وحين صحت في داخلي: (يا الله) وجدتني، هكذا، أقف قبالتها وجهاً لوجه..

قلت لها: صباح الخير آنسة.

قالت لي: أهلاً..

قلت لها: أنا سعيد، زميلك في أمانة المحافظة، وأعمل حالياً في بلدية عيشة.

ثم أردفتُ بعد لحظة صمت: يوم أمس، حين كنت عند الأستاذ رئيس الدائرة، شاهدتك تدخلين إليه وتسألينه عن أمر.. كنت أنا عنده... ألم تتذكرينني؟

مطّت شفتيها إلى أمام، ثم قالت بعد أن نترت خصلة من غرّتها إلى الخلف: اعذرني، لا أذكر أني رأيتك من قبل، ومع ذلك أهلاً بك وبالأستاذ.. تفضل هل لك حاجة عندي؟

وما إن تفضلت، حتى شرعت أحكي لها عن زحمة الطرق وكثرة السيارات والشوارع الضيقة التي بالكاد تتسع المارة، وكانت هي ترمقني بنظرات متفحصة لا تعرف سبب هذا الحديث، فقاطعتني تقول: لم تقل لي بعد ماذا تريدني أن أخدمك؟

قلت: لي طلب خاص جداً، بعيد عن الشغل، وقد لا يناسب المكان للحديث فيه.

وشعرتُ في تلك اللحظة أنها فهمت قصدي ومرادي، وقبل أن تعلّق على كلامي، مددت يدي في جيبي وأخرجت منه قصاصة ورق كنت قد سجلت عليها رقم جوالي. ناولتها القصاصة وأنا أتمتم لها: هذا هو رقم جوالي.

ثم أعقبتُ ثانية وأنا في حال من الارتياب والتوجس: هل يمكنني أخذ رقم جوالك؟

تناولت القلم المركون قبالتها على الطاولة، ثم خطت لي رقم جوالها على ورقة وناولتني إياها وهي تقول: من حيث المبدأ لا مانع لدي، ولكن اتركني أفكر بالأمر لبضعة أيام، وسنحكي بعدها.

هززت رأسي موافقاً، بعد أن دلقتُ في جوفي ما تبقى من كأس الماء التي كانت أمامي على الطربيزة، ثم غادرتها من دون أن ألتفت خلفي، وكان صوتها وهي تشيعني قائلة (مع السلامة) يدغدغ أذني وأنا لا أزال أمشي في الممر الطويل المفضي إلى باب المؤسسة، ثم وأنا أركب الحافلة نحو بيتي، ثم وأنا أجلس في البيت أتفرّج على التلفزيون.. وظل هكذا إلى أن خلدت إلى سريري ونمت.

ورأيت فيما رأيت،أن سعاد دخلت إلى بيتي وهي تلبس أبيض بأبيض، فبدت لي،في هيئتها تلك، مثل عروس في ليلة دخلتها...

قلت لها: لقد تأخرت.

قالت: إنها زحمة السير يا حبيبي، فالسيارات كثيرة، والطرق مزدحمة وضيقة.

قلت لها: وأنا أيضاً مزدحم النفس ومتضايق.

قالت: وماذا ستفعل؟

قلت: تعالي لنذهب في مشوار .

Pages