You are here

قراءة كتاب ليلة الإمبراطور

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
ليلة الإمبراطور

ليلة الإمبراطور

كتاب " ليلة الإمبراطور " ، تأليف غازي حسين العلي ، والذي صدر عن منشورات ضفاف .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
دار النشر: منشورات ضفاف
الصفحة رقم: 7

عند الثانية عشرة ظهراً، كنت أحوص في مبنى أمانة المحافظة أتقصى أخبار سعاد علّني أعرف مكان عملها الجديد.. غير أن أحداً من زملائها في العمل لم يستطع إفادتي ولو بمعلومة صغيرة تقودني إليها، فوجدتني أقفل عائداً إلى بيتي والهم يزلزل نفسي، ذلك أن ما حلمت به يوم أمس ليس له تفسير سوى ما ذكرته لي سعاد عند زيارتي الثانية لها في مكتبها، بأن ابن عمها الضابط في الجيش سعى غير مرة ليتزوجها، وأنه وعدها –إن هي وافقت- أن يشتري لها سيارة ويكتب باسمها عمارة، وكانت هي ترفضه بشدة رغم إلحاح أمها وأبيها على الزواج منه. أما شقيقها التقدمي، الذي نصحني بقراءة لينين وماركس ودوستوفسكي وتولستوي، فكان من أشد المعارضين لهذا الزواج، وكان يقول إن ابن عمه الضابط جبان وحرامي، ولا يليق بأخته أن تكون زوجته.

في البيت جلست أتفكر بأمري، علني أجد حلاً قبل أن أفقد صبري. وفيما كنت على هذا الحال، أعلنت مذيعة التلفزيون عن بدء عرض فيلم السهرة وكان اسمه (عنترة فارس الصحراء) ولأنني ممن قرأ سيرة عنترة من الجلدة إلى الجلدة، فقد استحوذت عليَّ رغبة مشاهدته، وخاصة أني لم أشاهد من قبل فيلماً عن عنترة بن شداد وحكايته مع ابنة عمه الآنسة عبلة، فأسرعت من توي إلى المطبخ وحضّرت لنفسي فنجان قهوة، ثم عدت إلى الغرفة مسرعاً، وجلست على الصوفا قبالة التلفزيون، أنتظر الفيلم الذي كان ما يزال في سيرته الأولى، من عرض أسماء الكاتب والمخرج والممثلين ومهندسي الإضاءة وخبراء الفروسية والمصممين...

بدأ الفيلم بمشهد لعنترة يجلس إلى جانب فرسه في الصحراء. ومع بدء الموسيقى التصويرية الحزينة المرافقة للمشهد، طفق عنترة ينشد قائلاً وعيناه تسرحان في البعيد حيث مضارب بني عبس:

ومن دار عبلة نار بدتْ

أم البرق سلّ من الغيم عضبهْ

أعبلةُ قد زاد شوقي وما

أرى الدهر يدني إلى الأحبهْ

وكم جَهْدِ نائبة قد لقيتُ

لأجلك يا بنت عمي ونكبهْ

فلو أن عينيك يوم اللقاء

ترى موقفي زدتِ لي في المحبّه

ولم يكد ينتهي من إنشاده، حتى أقبل إليه أخوه شيبوب على بغل يرجوه إنقاذ عبلة ونساء عبس من الأسر، ثم يروي له وهو يلهث، إن قبيلة معادية غزت مضاربهم وعملت فيها قتلاً ونهباً لنسائها ومواشيها. وما إن سمع عنترة الهمام هذا الكلام، حتى نهض من مكانه ممتطياً فرسه وهو يصيح صيحته المشهورة التي رددت صداها الآفاق.

المشهد الثاني يرصد من بعيد مضارب عبس وهي في حال يرثى لها من القتل والسلب والنهب، وكان فرسان القبيلة الغازية يدفعون قدّامهم المواشي والجمال والنساء، بينما كانت عبلة، حبيبة عنترة وحسناء بني عبس، تصيح وتستغيث: واعنتراه.. واعنتراه...

فإذا بعنترة يظهر على فرسه كالشهاب من بعيد، وهو لا يزال يصيح صيحته المشهورة، فيدب الرعب في قلوب الغزاة، ويتركون ما بين أيديهم من غنائم، ويهربون بروحهم مولين الأدبار.

وإذ يدخلني الحماس مما أرى، يحمرّ وجهي ويصفّر، وأسأل نفسي سؤال الغاضب الحانق: لماذا لا أكون عنترة هذا الزمان، فأحمل بارودتي وضروبي، وأُردي على الأرض هذا الضابط الحرامي الذي لا تطيقه سعاد، فأريحها وأستريح، وقد يقول لي شقيقها التقدمي، وهو يشد على يدي: أنت شجاع وثوري ويشرفني أن تكون زوجاً لأختي.

وسألت نفسي أيضاً: ولماذا لا أكمل المهمة، فأردي على الأرض رئيس البلدية المستبد الذي يسخر مني، ويتمادى في احتقاري وعدم الأخذ بآرائي؟

Pages