كتاب " ليلة الإمبراطور " ، تأليف غازي حسين العلي ، والذي صدر عن منشورات ضفاف .
ومما جاء في مقدمة الكتاب :
You are here
قراءة كتاب ليلة الإمبراطور
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

ليلة الإمبراطور
صباحاً، وما إن استيقظت من النوم وأنا في كدر عظيم، حتى وجدتني ألعن الساعة التي قرأت فيها كتاب "الحياة ما بعد الموت" لمؤلفه ريمون موري، فلبست ثيابي وسوّيت شعري على عجل، ثم خرجت من البيت هائماً على وجهي لا أعرف إلى أين السبيل. لقد تمكن القلق والخوف مني على سعاد، وانتابني شعور أن مكروهاً أصابها. هل ماتت فعلاً أم أن ما رأيته كان مجرد كابوس سببه لي ذلك الكتاب اللعين!! لكن قلبي الطري، الذي يحب سعاد ولم يستطع نسيانها رغم الجفاء والفراق، كان يحثني على البحث عنها والاطمئنان عليها، فذهبت في الحال إلى أمانة المحافظة، وتنحيت جانباً عند باب مبنى الأمانة أنتظر قدومها. كان الوقت لا يزال مبكراً وثمة ساعة وأكثر على وقت دوامها، فسألت نفسي سؤال الحائر: لماذا لا أسأل البواب عنها فأريح قلبي وأستريح؟ وهكذا وجدتني أسأله عن حالها وأحوالها، فإذا به يقول لي، إنها انتقلت من أمانة المحافظة منذ أشهر ولا يعرف شيئاً من أمرها.
ورسائلي.. أين ذهبت رسائلي؟
كنت كل أسبوع، وأحياناً أقل من ذلك، أجيء إلى هذا المبنى الضخم الذي يسمى أمانة المحافظة،أضع رسالة لسعاد في صندوق البريد المعلق على الجدار قرب باب المبنى، ثم أقفل عائداً إلى عملي في البلدية، على أمل أن يحنّ قلبها عليّ وتتصل بي أو تخصني برسالة تريح قلبي.
تُرى أين أنت يا حبيبتي سعاد؟
مساءً، في البيت، شعرت بفرح عظيم وأنا أتصفح كتاب (تفسيرالأحلام الكبير) لابن سيرين، عند قوله إن الموت في الرؤيا ندامة من أمر عظيم، فمن مات ثم عاش فإنه يذنب ذنباً ثم يتوب.
وقلت في نفسي: هل ثمة ندامة أعظم من ندامة سعاد على جفائها وهجرها لي طوال هذه المدة ؟
ودخلني يقين، إن ما هي إلا بضعة أيام، حتى تأتيني سعاد نادمة معتذرة عما فعلته بي.. حينها سأضمها إلى صدري وأحنو عليها حنو العاشق للمعشوق دون عتاب أو جفاء، فتعود مياهنا إلى مجاري الأيام الخالية، يوم رأيتها عند رئيس الدائرة، ويوم زرتها في مكتبها، ويوم ذهبت لخطبتها.
قبل أن أدخل مبنى البلدية، استوقفني المراسل عند الباب وأخبرني أن كتاباً وصلهم من أمانة المحافظة بخصوص كلاب شاردة، وأن المعلم يريدني. صعدت الدرجات القليلة الموصلة إلى الطابق الثاني حيث مكتب رئيس البلدية، ثم عبرت الممر الضيق المفضي إلى مكتبه. دخلت إليه، وما أن رآني حتى ناولني مهمتي وهو يقول: اسمع.. لقد جاءتنا هذه الشكوى.. العنوان هنا في المهمة.. اذهب اليوم وليكن الوقت متأخراً.. أكمن لها جيداً وحاذر أن تفلت منك، لأن أمين المحافظة بنفسه مهتم بالأمر، ووصلنا هاتف توصية منه اليوم.. فهمت؟
نعم فهمت.
وخرجت من عنده إلى مستودع المهمات، لاستلام البارودة والضروب، لزوم تنفيذ المطلوب.

