You are here

قراءة كتاب سيمياء الموت

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سيمياء الموت

سيمياء الموت

(الموت) عادةً ما يأخذ الشعراء مهما كثروا وتعدّدوا وتنوّعوا وتوثّبوا لكنه لا يأخذ الشعر مهما قلّ وتخفّى وندر، ويأخذ الأصدقاء مهما تعاظمت أعدادهم وتباينت نواياهم لكنه لا يأخذ الصديق الواحد مهما انفرد، فأمام كثرة فنون الاختيار وزحمتها تبقى القصيدة الخلاّبة هي

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 2
«2»
 
الشاعر محمد القيسي شاعر وكاتب وإنسان غزير وثرّ ونوعي في آنٍ معاً، فضلاً على كونه من الكتاب العرب القليلين الأحرار المتفرغين للكتابة بعيداً عن استعمار الوظيفة وإكراهاتها الإنسانية الدامغة، وقد أمضى في تجربة الكتابة ما يقرب من أربعة عقود قبل رحيله المبكّر متألقاً في عالم الكتابة والإبداع والحياة، ترك فيها أكثر من عشرين مجموعة شعرية بدأت بمجموعة «راية في الريح» عام 1968 وانتهت بمجموعة «منمنمات أليسا» عام 2002، وترك في مجال الكتابة النثرية الموازية للكتابة الشعرية سبعة كتب متنوعة، ابتدأت بكتاب «أرخبيل المسرّات الميّتة» عام 1982 وانتهت بكتاب «أباريق البلّور ـ يوميات صحراوية ـ» عام 2002.
 
فضلاً على كتابين للأطفال، وكتاب آخر يمزج بين الشعر والنثر هو «ثلاثية حمدة» الذي يضمّ «كتاب حمدة ـ كتاب الابن ـ كتاب أوغاريت»، ورواية سيرذاتية بعنوان «الحديقة السريّة» صدرت عام 2002 أيضاً.
 
لا شكّ في أن هذا الثراء وهذه الغزارة وهذا الإبداع الخصب الذي كانت عليه تجربة القيسي ـ ثقافةً وكتابةً وحضوراً ـ، لا يمكن أن يأتي/تأتي من دون وجود مشروع ثقافي ماثل في ذهن الكاتب ومتجسّد في روحه ومخيلته ورؤيته، يسنده ويوفّر له الطمأنينة ويستفزّه ويحرضّه على استمرارية العمل والإنجاز والحياة، بصرف النظر عن طبيعة وإشكالية الحساسية المفرطة التي تتحكّم في مسيرة الشاعر تجاه الأشياء والأشخاص والظواهر والأفكار والرؤى، مما يلقي بظلّه الثقيل على حراكه وتطلعه ومشروعه في التمتّع بمباهج الكتابة والحياة والحرية، ويحدّ من روح المغامرة الجمالية التي تسهم في إنجاز المشروع بأعلى درجات التمكّن والإبداع.
 
المدوّنة الشعرية والنثرية التي تركها القيسي شاهداً حيّاً على تجربة واسعة تنطوي على قدر كبير من الإشكال والخصب والإثارة، تصلح لأن تخضع لغير دراسة وغير بحث وغير قراءة، تسعى إلى وضعها في مكانها اللائق الذي تستحق، على أن ترصد الظواهر والإشارات والعلامات بروح المسؤولية النقدية والعلمية العالية، وتشتغل على آليات منهجية بوسعها الحفر داخل أعماق النصوص والخوض في مياه المتون، من أجل أن تصل العين الراصدة بالنتيجة إلى حقل مثمر يحكي ثراء التجربة وتعدديتها.

Pages