You are here

قراءة كتاب سيمياء الموت

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سيمياء الموت

سيمياء الموت

(الموت) عادةً ما يأخذ الشعراء مهما كثروا وتعدّدوا وتنوّعوا وتوثّبوا لكنه لا يأخذ الشعر مهما قلّ وتخفّى وندر، ويأخذ الأصدقاء مهما تعاظمت أعدادهم وتباينت نواياهم لكنه لا يأخذ الصديق الواحد مهما انفرد، فأمام كثرة فنون الاختيار وزحمتها تبقى القصيدة الخلاّبة هي

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
لعلّ من أبرز خصائص منهجية النقد السيميائي ـ وفي ضوء مفهوم الخطاب ـ هو الاهتمام بالقارئ بوصفه شريكاً مركزياً في هذه الفعالية المنهجية، إذ «إن المنهج السيميائي يعطي دوراً رئيساً للقارئ/الناقد، فالقارئ السيميائي قارئ نوعي ومتميز، له القدرة على تفسير الرموز التي يتلقاها في ضوء الرموز التي اكتسبها، أي أنه يفكّ الرموز التي يتلقاها بوساطة الرموز التي يملكها في ذهنه، وليس شرطاً أن يكون تحليله مطابقاً لرموز الكاتب»(6)، بل عليه أن يصنع رموزه الخاصة به عبر فعالية استنطاق حيّة لجوهر ثقافته القرائية وهو يقارب النص مقاربة تأويلية، لا تأخذ في الحسبان ما يمكن أن تتجلّى فيه مقصدية الكاتب داخل حدود النص وفي جوهره السيميائي.
 
لأننا حين نتصدّى للعمل الإبداعي بوصفنا قرّاءً مجتهدين ومقصديين، فإن طبيعة قراءتنا تستجيب للكيفية التي نتعامل فيها مع حرارة الوجود انطلاقاً من تجربتنا نحن وعاداتنا وطباعنا وحساسياتنا والتضمينات التي تطبع رموزنا المختزنة في الأعماق(7)، وهي تتجلّى بصورة تحيل علينا وتقدّم بها شخصيتنا القارئة والعارفة.
 
ومن هنا يمكننا القول إن منهجية النقد السيميائي تتفاعل على نحو حرّ وعميق مع مناهج القراءة والتلقي، عبر التصديق على ما يراه السيميائيون من حيث إن الإجراء المنهجي هو عبارة عن تفاعل معرفي نوعي مع خواص المقروء(8)، ينتهي إلى حصيلة قرائية ذات قيمة إنسانية عالية، هي نتيجة طبيعية لقوّة الجدل المعرفي بين ثقافة القارئ من جهة، والخصب الفني والجمالي والإبداعي للنص من جهة أخرى.
 
إنّ القارئ المنهجي الذي يمكننا هنا أن نصفه هنا بـ (القارئ السيميائي) يشتغل في حقل فعاليته القرائية على تقويم التجربة من خلال قراءته إياها(9)، ويصل من خلال ذلك إلى إدراك الرؤية العميقة والمقولة الكبيرة التي تتنكّبها النصوص وتقترحها الظواهر، على النحو الذي ينتج فهماً عالي المستوى والقيمة وإدراكاً عالي الحضور لخصوصية الخطاب ورؤيته وجدواه الإنسانية.
 
استناداً إلى هذه الرؤية المنهجية العميقة والواسعة لمنهجية النقد السيميائي، فإنها لا تقتصر على دراسة الأدب واللغة فحسب، بل تشمل في هذا السياق كلّ صنوف الأنشطة الإنسانية وغير الإنسانية(10)، التي يكون بوسعها تمثّل الحركة العلامية في الطبيعة والكون والإنسان بحيث تجيب على أسئلتها الكبرى.
 
تعمل آليات المنهج السيميائي في نشاطها النقدي الإجرائي «على متابعة حركة الدوال في النص لاستكناه المدلولات والوصول إلى قيمة العلامة وفاعليتها في النص والأثر الدلالي الذي تحدث فيه»(11)، وتخلص من ذلك إلى تقويم ووصف الحركة الداخلية للنص التي يمكنها أن تنتج القيمة وإشكالية المعنى، وتقود بعد ذلك إلى فضاء الفهم والتأثير والإدراك والمتعة والتوصل بكل الجماليات الكامنة في جوهر النص.

Pages