You are here

قراءة كتاب سيمياء الموت

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سيمياء الموت

سيمياء الموت

(الموت) عادةً ما يأخذ الشعراء مهما كثروا وتعدّدوا وتنوّعوا وتوثّبوا لكنه لا يأخذ الشعر مهما قلّ وتخفّى وندر، ويأخذ الأصدقاء مهما تعاظمت أعدادهم وتباينت نواياهم لكنه لا يأخذ الصديق الواحد مهما انفرد، فأمام كثرة فنون الاختيار وزحمتها تبقى القصيدة الخلاّبة هي

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 9
الفضاء المنهجي والإجراء القرائي
 
لعلّ من أبرز الإشكاليات القرائية التي تواجه القارئ/الناقد وهو يتعاطى مع النص الأدبي هي قضية المنهج، التي تشغل الرؤية النقدية في سياحتها الموعودة داخل جنّة النص أو جحيمه على حدّ سواء، ومن دون توافر هذه الحساسية المنهجية على أيّ صعيد من الأصعدة المقترحة، تسقط القراءة في فخّ الإنشائية التقريرية والانطباعية الفجّة التي لا تحدّها حدود ولا تضبطها ضوابط.
 
على النحو الذي تخسر فيه القراءة الكثير من مبررات شغلها وطاقتها على الإنجاز من جهة، وتخفق في الوقت نفسه ومن جهة أخرى في القدرة على تقديم رؤية قرائية ناضجة وخصبة يمكن أن تندرج في صفحات السجل الثقافي والحضاري الأدبي، وتحقق فائدة جمالية وفنية إجرائية لمجتمع القراءة.
 
ومن قبيل إمكانية تحقق مثل هذه الفائدة في ضوء توافر البعد المنهجي المتأسس على رؤية نقدية واضحة وعميقة، فإن العلاقة بين الفضاء المنهجي العام الذي تتمظهر فيه الملامح النظرية للمنهج، وحساسية الإجراء القرائي بآلياته ومستوياته وطرائق اشتغاله، يجب أن تكون جدلية بأعلى مستوى ممكن وبأمثل صورة متاحة.
 
لأن افتقار العلاقة إلى هذا المستوى من الاندماج من شأنه أن يُحدِث شرخاً أكاديمياً عميقاً بين منطقة الفضاء النظري ومنطقة التطبيق الإجرائي، على النحو الذي يفسد القراءة ويحجب فوائدها تماماً، ويقلّل ثقة مجتمع القراءة بهذا المنجز القرائي على صعيديّ التلقّي والفهم والإدراك والتداول.
 
من هنا يمكن النظر إلى القراءة ـ بوصفها نقداً إجرائياً ـ على أنها مهمة أدبية وثقافية يتنكبها القارئ/الناقد، وهو يسعى إلى إنجاز قراءة نوعية يتحدّى فيها النص ويسعى إلى اختراقه بحكم كفاءة الأدوات التي يستخدمها في تأويل الظاهرة النصيّة، تلك الأدوات التي تكشف باستمرار عن آليّات عمل تصنعها طاقة الفهم عنده، وتؤسس لقيم قرائية تتخصّب بفعل الخبرة والمران والتخصّص.
 
فالنقد الذي يتوغل في طبقات النص وجيوبه وتخومه ومناخاته وفي ضوء هذه المقاربة الإجرائية ما هو إلا قراءة، «مجرّد قراءة شخص محترف لنص أدبي ما، والأدوات التي يصطنعها في فهم هذا النص، أو قراءته، أيّ تمثّل تأويله على نحو ما، هي التي تحدد معالم التحليل الذي ينشأ عن مسعاه الأدبي»(15)، وتفتح مسار الرؤية النقدية على مساحات كانت غافية في جوف النص، وتبدّت الآن على ظاهر القراءة بفعل قوّة تدخلاتها لتصبح في مرمى التناول والتصوّر والحضور.

Pages