You are here

قراءة كتاب سيمياء الموت

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
سيمياء الموت

سيمياء الموت

(الموت) عادةً ما يأخذ الشعراء مهما كثروا وتعدّدوا وتنوّعوا وتوثّبوا لكنه لا يأخذ الشعر مهما قلّ وتخفّى وندر، ويأخذ الأصدقاء مهما تعاظمت أعدادهم وتباينت نواياهم لكنه لا يأخذ الصديق الواحد مهما انفرد، فأمام كثرة فنون الاختيار وزحمتها تبقى القصيدة الخلاّبة هي

تقييمك:
0
No votes yet
المؤلف:
الصفحة رقم: 3
«3»
 
بدأت علاقتي الأدبية بالشاعر محمد القيسي عبر ملاحظتي النقدية المركّزة لغزارة إنتاجه مع تجدّد شبه دائم فيه، بحيث نادراً ما يكرّر نفسه ويعيد إنتاج نصّه، في حدود ما كنت قد اطلعت عليه من شعره المنشور غالباً في الدوريات بكثرة وبعضٍ من مجموعاته الشعرية، وكان هذا مدعاة إعجاب نوعي بتجربته التي بدت لي متميّزة، ورغبة في التعرّف إليه والإطلال المعمّق على جوهر تجربته.
 
فحدث أن راسلته على عنوانه في عمان، وفوجئت بعد مدّة من الزمن وأنا أسهر في حدائق اتحاد الأدباء العراقيين في ساحة الأندلس في بغداد نهايات عام 1999 صحبة عدد من الأصدقاء، وإذا بالصديق الكاتب والصحفي حسن عبد الحميد يدنو مني وهو يحمل حقيبة مضيئة قائلاً:
 
ـ هل تعرف ماذا أحمل إليك من عمّان يا صديقي؟
 
أجبته على الفور وبشعور يقيني لا أعرف كيف داهمني بقوّة وثقة وبراعة بأن القيسي بعث إليّ كتبه.
 
فدفع إليّ بالحقيبة وقد حملت فعلاً أعمال القيسي الشعرية بالأجزاء الثلاثة، مع رسالة بيّن فيها أنه أرسل مع الأعمال الشعرية كتباً أخرى من كتبه النثرية لعلّ أهمها بالنسبة لي في حينها كتابه «الموقد واللهب ـ حياتي في القصيدة ـ»، لم يرسلها حسن إلا فيما بعد، وربما استبدّت به رغبة الاطلاع عليها ثم إرسالها، لكنه على أية حال بعثها إليّ بعد قليل من الإلحاح مع أحد طلبتي.
 
كنت أرغب أن ّأكلّف أحد طلبتي في مرحلة الماجستير في كلية التربية للبنات في جامعة تكريت ـ حيث عملي الأكاديمي ـ بدراسة شعر القيسي، وتحقق ذلك فيما بعد وكان القيسي فرحاً بذلك، وأُنجزت الرسالة ونوقشت وأجيزت بدرجة تفوّق عالية بعد إذ كان هو مدعوّاً لحضور جلسة المناقشة، لكنه ـ للأسف ـ لم يحضر لأسباب وصفها بالصحية في رسالة لاحقة بعثها إليّ.
 
ومن ثمّ التقينا لقاءات عدّة كانت حميمية جداً، إذ ربما شعرنا (أنا وهو) بما يجمعنا إنسانياً وثقافياً وأدبياً ويضعنا على درجة القرب هذه من بعضنا، تكررت اللقاءات في بغداد وعمان ودمشق، وكان يتحدّث لي بمتعة ورغبة تعرّف عالية على حياته وتجربته وهمومه وأسراره، كان آخرها اللقاء الذي التقيناه مصادفة عام 2002 في دمشق، كنت مشاركاً في مؤتمر علمي أقامته كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة دمشق عن (الأدب وحوار الحضارات)، وكان هو يحضر معرض دمشق الدولي للكتاب.
 
بوغتُّ بوجوده في مقر اتحاد الكتاب العرب الكائن في المزّة وقد ملأ المكان، إذ رأيته عَرَضاً في غرفة الصديق القاص والروائي الجميل حسن حميد، الذي لم تكن لي علاقة به في وقتها وأصبحت أكثر من مجرد علاقة فيما بعد، فرحت لهذه المفاجأة السارّة واتفقنا على اللقاء في المعرض وسط مدينة دمشق.

Pages