إذا كانت اللغة وسيلة إنسانية لتوصيل الأفكار، والانفعالات، والرغبات عن طريق نظام من الرموز التي تصدر بطريقة إرادية كما رأى معظم الباحثين التقليديين، فإن الإعلام يهدف إلى: تزويد الناس بالأخبار الصحيحة، والمعلومات السليمة، والحقائق الثابتة التي تساعدهم على تك
أنت هنا
قراءة كتاب الإعلام واللغة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 5
وقال أبو الحسن الجرجاني في كتاب (التعريفات): "اللغة هي ما يعبر بها كل قوم عن أغراضهم"(17). وهذا هو حدها عن ابن جني كما ذكرنا.
ويرى (فندريس): أن اللغة فعل اجتماعي من حيث أنها استجابة لحاجة الاتـصـال بين بني الإنـسان(18). لا فرق أن تكـون الـحاجـة عامـة لتمشـية أمور الناس في حياتهم المختلفة أو خاصة للتعبير عن الأفكار التي تجول في ذهن الفرد.
إنّ كلتا هاتين الحاجتين يحتاجهما رجل الإعلام، وعلم الإعلام بشكل خاص الذي يسعى لتحقيق وظائفه الأساسية: الأخبار، الإعلام، التفسير أو الشرح، التوجيه أو الإرشاد، التسلية أو الإمتاع، التشويق أو الإعلان، التعليم والتنشئة الاجتماعية. وهذه كلها أمور تجول في خاطر رجل الإعلام، ومهمته التعبير عنها بنفسه لتوصيلها إلى أذهان الجماهير.
وبذلك يبدو أن تعريف الاجتماعيين للغة تعريف يتناسب ، وما يريده الإعلاميون من اللغة الإعلامية، أو الاتصال بالجماهير بوجه خاص، والذي اتضح لنا من خلال عرض تعريفي الإعلام، واللغة وما بينهما من وشائج وصلة، لأنها وسيلة ذات طبيعة إنسانية تتم بين البشر وحدهم ، كما أنها وسيلة تفاعلية لأن كل طرف فيها يهدف إلى التأثير في الطرف الآخر، والتأثر به، ومن ثم يبدو التفاعل في عملية الإتصال دائم الحركة.وهناك من عرف الإتصال استناداً إلى هذا الجانب التفاعلي، قال: الإتصال هو تفاعل بالرموز اللفظية،وغير اللفظية بين المرسل والمستقبل،وهي دائرية أيضاً تنتقل من المرسل إلى المستقبل، ومن المستقبل إلى المرسل في محاولة منهما لتبادل مواقع التأثير والتأثر،أو الأخذ والعطاء (19).
الاتصال وظيفة من وظائف اللغة:
مصطلح الاتصال له مفهومات عدة أقربها إلى الوضوح، والتحديد المفهوم القائل: إن الإتصال هو الطريقـة التي تنتقل المعرفـة، والأفكـار بـها من شخص (أو: جهة) إلى شخص آخر(أو: جهة أخرى) بقصد التفاعل، والتأثير المعرفي أو الوجداني في هذا الشخص، أو إعلامه بشيء، أو تبادل الخبرات، والأفكار معه، أو الارتقاء بمستواه الجمالي، و القيمي، أو إقناعه بأمر ما،أو الترفيه عنه.(20)
أما وسائل الاتصال، فهي كما هو معروف محددة ضمن إطار هذا العلم، وهي قابلة للزيادة، فإذ يحصر بعض الاتصاليين وسائل الاتصال: بالصحافة، المذياع، التلفاز (أو ما يطلق على تسميته الصحافة السمعية البصرية)، السينما (21). نرى أن بعضهم الأخر يتوسع في ذلك، فيضيف: وكالات الأنباء، المعرض، المؤتمرات الصحفية، الزيارات الرسمية، العلاقات العامة، وكما يسميها: (فن الاتصال بالجماهير)(22). ونحن مع هذا الرأي في التوسع بتعدد وسائل الاتصال لسبب بسيط هو أن (اللغة) لها دخل كبير في انجاز عمل هذه الوسائل الاتصالية.
مما تقدم نستنتج:أن كل اتصال يحتاج إلى:
1ــ(مرسل) يرغب في نقل المعرفة، أو الأفكار إلى الآخرين.
2ــ(مستقبل) يتلقى المعرفة، أو الأفكار التي يرسلها المرسل.
3ــ(قناة اتصال) تنقل المعرفة، أو الأفكار إلى المستقبل.
4ــ(رسالة) أو هدف يرغب المرسل في أن ينقله إلى الآخرين(23).
إن مفهوم الاتصال بين اللغة والإعلام له مجال، أو أكثر غير مفهوم (الوسيلة) إذ يتفق علماء اللغة والإعلام على ضرورة وجود معنى حتى يمكن لدائرة الاتصال أن تتم، وتؤدي دورها في الإبلاغ (24).