أنت هنا

قراءة كتاب الإعلام واللغة

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
الإعلام واللغة

الإعلام واللغة

إذا كانت اللغة وسيلة إنسانية لتوصيل الأفكار، والانفعالات، والرغبات عن طريق نظام من الرموز التي تصدر بطريقة إرادية كما رأى معظم الباحثين التقليديين،  فإن الإعلام يهدف إلى: تزويد الناس بالأخبار الصحيحة، والمعلومات السليمة، والحقائق الثابتة التي تساعدهم على تك

تقييمك:
4.666665
Average: 4.7 (3 votes)
الصفحة رقم: 8
وقال ابن خلدون:"إن الأمور التي يقصدُ المتكلمُ بها إفادة السامع من كلامه،هي: إمَّا تصوُّر مفردات تُسنَدُ ويُسنَدُ إليها، ويفضي بعضها إلى بعض، والدلالة على هذه هي المفردات من الأسماء، والأفعال، والحروف؛ وإمَّا تمييز المسنداتِ من المسند إليها، والأزمنة، ويُدَلُّ عليها بتغيُّر الحركات، وهو الإعراب، وأبنية الكلمات. وهذه كلها هي صناعة النحو. ويبقى من الأمور المكتنفة بالواقعات،المحتاجة للدلالة، أحوال المتخاطبين ،أو الفاعلين، وما يقتضيه حال الفعل؛ وهو محتاجٌ إلى الدلالة عليه،لأنه من تمام الإفادة، وإذا حصلت للمتكلم فقد بلغ غاية الإفادة في كلامه. وإذا لم يشتمل على شيء منها، فليس من جنس كلام العرب؛ فإنَّ كلامهم واسعٌ، ولكل مقام عندهم مقالٌ يختصُّ به بعد كمال الإعراب والإبانة".(31) .
 
وعلى الرغم من أن نظرية الإشارات والرموز(علم السيميوطيقا (semiotic يفرق بين الإشارة، والعلامة، ويقر بوجود تمايز بينهما، لأن الإشارات اصطلاحية، أي متواضع عليها، وكونها تستلزم وجود عنصري (المرسل والمستقبل) مع توفر عامل الوعي والإدراك لأن وظيفتها (إعلامية).لذا تعرف الإشارة((Gesture أنها:" حركة تعبيرية تؤدى عادة عن طريق الرأس ، أو الأيدي بهدف الإتصال كما أنها تصاحب غالباً التيار الفكري للفرد، ويمكن أن تقنن لغة الإشارة التي يتم التفاهم بها، كما هو الحال بين الصم والبكم"(32).
 
وقيل في تعريفها أيضاً:"هي الثابت بنفس الصيغة من غير أن سيق له الكلام "(33). وقد سبق للجاحظ أن قال:"... فأما الإشارة: فباليد وبالرأس، وبالعين والحاجـب، والمنكب، إذا تباعـد الـشخصان، وبـالـثـوب وبالسيف.وقد يتهدد رافع السوط، والسيف فيكون ذلك زاجراًً رادعاً، ويكون وعيدا وتحذيراً.والإشارة، واللفظ شريكان، ونعم العون هي له،
 
ونعم الترجمان هي عنه، وما أكثر ما تنوب عن اللفظ،وما تغني عن الخط؟ وقد قال الشاعر في دلالات الإشارة:
 
أشارت بطــرف العين خيـفـة أهـلـها
 
إشـــــارة مــــذعـــــــور، ولـــم تــتــكـلــــــم
 
فأيقنت أن الطرف قـد قال: مـرحبـا وأهــــلاً وســهــلاً بــالحبيب المــتــيــــــم
 
وقال الآخر:
 
وللقلـب عـلـى الـقـلب دلـيـل حيـن يلـقاه
 
وفـي الناس مـن الناس مقاييس وأشباه
 
وفـي العين غنى ً للمرء أن تنطـق أفـواه (34).
 
أما (العلامة) فلا تستلزم وجود العنصرين السالفين، لأنها لا تتضمن عملية إعلام مقصودة. إلا أننا نجد أن الإشارة تكون غير ذات معنى ما لم تكن ضمن نسق من الإشارات يحدد معناها، وتكون صواباً في إطار هذا النسق دون غيره، والإشارات في عمومها سواء كانت ألفاظا أم حركات لها شكل ومعنى، أو وعاء ومحتوى. وقد يتفق الشكل ويختلف المعنى، وجوهر اللغة في معناها أساساً.

الصفحات