أنت هنا

قراءة كتاب (الخطر القادم) سلوك المشاغبة في البيئة المدرسية

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
(الخطر القادم) سلوك المشاغبة في البيئة المدرسية

(الخطر القادم) سلوك المشاغبة في البيئة المدرسية

 كتاب "(الخطر القادم) سلوك المشاغبة في البيئة المدرسية" نظمت محتوياته في ثمانية فصول عرضت بشكل مبسط لتساعد الوالدين والباحثين القادمين في مجال علم النفس والصحة النفسية و كل من له علاقة بالعملية التعليمية.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
دار النشر: دار زهران
الصفحة رقم: 5
التطور التاريخي لمصطلح سلوك المشاغبة: 
 
في عام 1972م تنبه البروفيسور النرويجي أولويس Olweus إلى وجود ظاهرة غريبة بين تلاميذ المدارس أطلق عليها آنذاك مسمى الصعلكة Mobbing وكانت هذه الظاهرة تتمثل في قيام بعض التلاميذ بإزعاج زملائهم والتحرش بهم ومضايقتهم ببعض السلوكيات غير الاجتماعية، وذاع انتشار هذا المصطلح بين الدول الاسكندنافية (السويد، الدنمارك، النرويج) وأجريت العديد من البحوث المتعلقة بتلك الظاهرة الغريبة والتي زادت بشكل ملحوظ في تلك الفترة بين تلاميذ المدارس بوجه عام. وفي عام 1978م استيقظ المجتمع النرويجي على كارثة إنسانية مأساوية حيث أقدم العديد من التلاميذ وخاصة ممن ينتمون إلى المرحلة المتوسطة والثانوية على الانتحار وسط ذهول معلميهم وذويهم حائرين متسائلين عن الأسباب الحقيقية وراء ذلك التصرف. وفي هذا التوقيت بدأ العديد من الباحثين والمهتمين بالعملية التعليمية بإجراء البحوث الميدانية التخصصية محاولين بها كشف الغموض الذي يحيط بتلك الحادثة المأساوية وكانت الدراسة الرائدة التي أجريت  في عام 1978 على يدي دان أولويس Dan Olweus هي الدراسة الجادة الأولى التي كشفت اللثام عن الأسباب الحقيقة الكامنة وراء انتحار هؤلاء التلاميذ وكانت تحمل مسمى سلوك المشاغبة بين تلاميذ المدارس.
 
ومن هنا يمكن القول أن الإرهاصات الأولى لاستخدام مصطلح سلوك المشاغبة كانت في نهاية السبعينات من القرن الماضي وتحديداً في نهاية عام 1978م وكان الفضل للنرويجي أولويس في البدء الحقيقي لمجال الدراسات العلمية المتعلقة بمثل هذه النوعية من المشكلات في البيئة المدرسية، ومنذ ذلك الوقت حظي ميدان البحث الاجتماعي والتربوي  والنفسي المتعلق بسلوك المشاغبة باهتمام طائفة كبيرة من الباحثين وكانت قمة هذا الاهتمام تحديداً في عام 1987م حينما انعقد المؤتمر الأوربي للعاملين في الأنظمة التعليمية وكان حينها يحمل عنوان " سلوك المشاغبة في البيئات المدرسية " حيث كان الهدف الرئيس من انعقاد هذا المؤتمر هو جذب انتباه العالم إلى هذه النوعية من الدراسات والتي بدورها كشفت عن ظاهرة خطيرة تعد من الظواهر المدمرة للحياة الإنسانية نظراً لما يترتب عليها من آثار تمتد مع الزمن الطويل لتلقي بالعديد من أطرافها في نهاية المطاف خلف الأسوار أو في دوامات من الأزمات والاضطرابات النفسية. ولم يتوقف الأمر فقط على انعقاد هذا المؤتمر بل فاق ذلك بمراحل حيث تبنت الحكومة النرويجية في بداية التسعينات حملة قومية للتوعية عن مخاطر تفشي ظاهرة سلوك المشاغبة بين تلاميذ المدارس المختلفة وعن أسباب هذه الظاهرة والطرق الإرشادية التي يمكن من خلالها مكافحتها والقضاء عليها. وتدريجياً بدأ العالم بأسره يلقى الضوء على تلك الظاهرة الغريبة التي يقع بعض التلاميذ كضحايا لها فزاد البحث وزادت الاهتمامات فتبنت الدراسات الإنجليزية والاسترالية تلك المشكلة في حيثيات بحثها عن المشكلات التي تعوق العملية التعليمية فكانت النتائج مفزعة والأرقام تشير إلى معاناة تلك الدول من نفس الظاهرة وربما بدرجات أعلى وأكثر شدة. 
 
والمتتبع لنتائج الدراسات العلمية الحديثة يمكنه ملاحظة ذلك السيل من الدراسات التخصصية خاصة منذ بداية الألفية الثالثة والتي تهتم بمجال المشاغبة سواء في البحث عن الأسباب الكامنة ورائها أو الطرق التي يمكن من خلالها معالجة هذه الظاهرة السلبية الخطيرة والدخيلة على إحدى مؤسسات التنشئة الاجتماعية بل قل المؤسسة الاجتماعية الأم لعملية التنشئة. وإذا كان التطور التاريخي لمصطلح المشاغبة يفيد بأنها ظاهرة منتشرة بين تلاميذ المراحل التعليمية المختلفة، الابتدائية منها والمتوسطة والثانوية، إلا أن الوضع الآن أصبح أكثر اختلافاً من ذي قبل، فقد ذاد الفهم لمفهوم المشاغبة وزادت الدراسات مما كان نتاجه أن توصلت نتائج بعض الدراسات إلى أن ظاهرة سلوك المشاغبة ليست قاصرة فقط على نطاق المدارس بل إنها تمتد إلى جميع الأماكن التي يقع فيها حراك وتفاعل اجتماعي كأماكن العمل بل وأكثر من ذلك إلى داخل نطاق الأسرة الواحدة، فمن مفهوم الصعلكة في بداية السبعينات أو الإغاظة teasing إلى مفهوم المشاغبة الأسرية والمشاغبة داخل نطاق العمل، وإذا كانت الدراسات الأولى للمشاغبة ركزت على تلك الفئات العمرية والتي تقع في نطاق مراحل الطفولة أو المراهقة فاليوم امتد الأمر ليشتمل على جميع المراحل العمرية من الطفولة وحتى الرشد. 

الصفحات