كتاب "(الخطر القادم) سلوك المشاغبة في البيئة المدرسية" نظمت محتوياته في ثمانية فصول عرضت بشكل مبسط لتساعد الوالدين والباحثين القادمين في مجال علم النفس والصحة النفسية و كل من له علاقة بالعملية التعليمية.
أنت هنا
قراءة كتاب (الخطر القادم) سلوك المشاغبة في البيئة المدرسية
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
(الخطر القادم) سلوك المشاغبة في البيئة المدرسية
الصفحة رقم: 9
الأولى هي حصر المشاغبة بالفعل العلني وإهمال الطبيعة الخفية والأفعال الأخرى التي لا تظهر للعيان، مع أن لها آثار قد تكون أكثر جرماً على الضحية، والجزئية الثانية هي وصف المشاغبة بالسلوك العدواني وهذا بعيد عن الصواب، فلفظ السلوك العدواني قد يفهم ضمنيا أنه موجه تجاه الذات وهذه احتمالية قائمة أما المشاغبة فلا يمكن بأية حال من الأحوال أن توجه تجاه الذات. وأكد كاس وآخرون Kass et al. (2003) على أن المشاغبة ليست عراكاً جسدياً يحدث عادة عند مواقف الغضب بين الأقران، وليست وسيلة ممازحة بين الأصدقاء، ولكن المشاغبة هي سلوك إيذائي عدواني متعمد ومقصود يمارسه تلميذ أو مجموعة من التلاميذ لفترات طويلة جداً ضد تلميذ آخر أقل منهم في القوة الجسدية. ووصف فاي Faye (2003) المشاغبة بأنها نموذج من العدوان يظهر بين شخصين هما المشاغب والضحية مختلفين في القوة الجسدية أو النفسية، وتحدث المشاغبة في السياق الداخلي للعلاقات في مجموعة الأقران. بينما يرى كاثلين Kathleen (2003) أن المشاغبة هي مشكلة اجتماعية معقدة تتجلى بين الأفراد حينما يكون هناك فرق في القوة بينهم، وهي نتاج خلل في منظومة العلاقات الاجتماعية بين الأفراد، والمشاغبة تحديداً هي أن يصبح تلميذ معين هدفاً دائما للسخرية والإهانة من قبل أقرانه في المدرسة. واتفق كل من ميشيل وشريستين Michelle & Christine (2003) على أن سلوك المشاغبة هو سلوك إيذائي(جسدي أو لفظي أو غير مباشر)، يحدث بشكل متكرر لفترة طويلة من الوقت، ويوجه من قبل تلميذ أو مجموعة من التلاميذ إلى هدف محدد (تلميذ) قليل القوة الحيلة يسمي الضحية. وتؤكد وندي ودبرا Wendy & Debra (2003) على أن المشاغبة هي مشكلة في العلاقات الاجتماعية تتمثل في فرض السيطرة والقوة على الآخرين باستخدام العدوان، ويمكن تعريفها على أنها أفعال سلبية (لفظية أو جسدية) تمارس بقصد الإيذاء ووضع الضحية تحت حالة من الضغط، وتمتد هذه الأفعال لفترات طويلة، والفرق بين المشاغب والضحية في القوة هو جزء هام في دينامية المشاغبة.
وأشار ماركل وآخرون Marcle et al. (2004) إلى أن المشاغبة هي سلسلة من السلوكيات والأفعال السلبية المتكررة بصفة دائمة ومستمرة تمارس من قبل طفل واحد أو عدة أطفال بشكل موجه إلى طفل محدد قليل الحيلة.
ويؤكد كيث وآخرون Keith et al. (2004) على أن سلوك المشاغبة هو سلسلة من الأفعال السلبية والعدوانية والمؤذية عن طريق شخص أو أكثر ضد شخص آخر أو أكثر على مدار فترة طويلة من الوقت، وهو سلوك إيذائي مبني على عدم التوازن في القوة ويشتمل على العناصر التالية:
1- أن الشخص الذي يقوم بالمشاغبة لديه سلطة وقوة أكبر من الشخص الضحية.
2- أن سلوك المشاغبة غالباً ما يكون مرتباً ومنظماً وخفياً.
3- أن كل أفعال المشاغبة لها بعد انفعالي أو نفسي.
وفي دراسته الرائدة عام 2004 أكد هشام الخولي على أن المشاغبة إيذاء متكرر وليس لمرة واحدة للآخرين من خلال الهجوم والإيذاء البدني وجرح مشاعرهم، ورأى أن المشاغبة تحدث عن طريق شخص واحد أو مجموعة من الأشخاص، كما أنها تقع في الفصل المدرسي أو في الطرقات أو في الملاعب أو في الطريق من وإلي المدرسة، كما أنها أيضا عملية غير متكافئة القوى، فالمشاغب دائما أقوى بدنيا وأكثر طلاقة لفظية من الضحية. إن المشاغبة هي أي تعبير لفظي أو كتابي، أو أي فعل جسدي، أو أي إيماءة أو إشارة، أو أي نموذج سلوكي آخر يكون الهدف منه إلحاق الأذى والضرر بشخص ما مستهدف أو بأشخاص آخرين مستهدفين. بينما أشار كل من كاثرين ودافيد Kathryn & David (2005) إلى أن المشاغبة هي إساءة لفظية أو نفسية أو جسدية غير مسبوقة بأي نوع من أنواع الاستفزاز تصدر من شخص واحد أو مجموعة من الأشخاص تجاه مستهدف واحد أو مجموعة من المستهدفين.
ومن خلال عرض هذه المفاهيم السابقة التي تناولت سلوك المشاغبة يمكننا أن نستنتج منها نقطتين رئيستين هما:
أولاً: أجمع العديد من الباحثين إن لم يكن جميعهم على أن سلوك المشاغبة يقوم على ثلاث ركائز أساسية وهي:
القــــوة Power:
فلا مشاغبة بين شخصين متساويين في القوة (جسدية أو نفسية) لأن الشخص لا يصبح ضحية للمشاغبة إلا إذا كان عاجزاً تماماً عن أن يرد ظلم المعتدى واضطهاده له، أما إذا أظهر الضحية أية مقاومة للمعتدى فإن ذلك يخرج عن نطاق المشاغبة، ولا يقصد المؤلف بالقوة هنا فقط الضخامة أو العضلات أو حتى فارق السن بين المشاغب والضحية، ربما تكون هذه الأمور موجودة وربما تسهم بشكل أو بآخر في موقف المشاغبة ولكنها ليست قاصرة عليها، فهذه القوة من الممكن أن تتجسد في مهارة لغوية فائقة يعجز عنها الضحية، أو مكانة مادية أو اجتماعية يتمتع بها المشاغب دون الضحية، وفي ذلك يتفق كثير من الباحثين مثل رجبي Rigby (2003)، كيث وآخرون Keith et al. (2004)، هشام الخولي (2004).
التكــــرار Frequency:
ففعل المشاغبة ليس فعلا عارضاً أو فعلاً فردياً حدث صدفة أو بشكل عشوائي أو نتيجة موقف اجتماعي بين المشاغب والضحية توهجت فيه الأمزجة، وتسبب للمشاغب في نوع من الإحباط أدى للغضب فدفعه ذلك للاعتداء على الضحية، بل هو فعل متكرر ومزمن مستمر لفترة طويلة من الوقت، ويتفق في ذلك على سبيل المثال كل من ألين Ellen (2003)، وبوني Bonnie (2003).
النيـة المبيتـة للإيذاء Intent to harm:
فسلوك المشاغبة لا يحدث بين أصدقاء أو زملاء اختلفوا في وجهات النظر فتطاولوا على بعضهم بالألفاظ، وليس سلوكاً الهدف منه الممازحة أو التسلية بين الأقران، بل إن المشاغبة سلوك يسبقه قصد ونية مضمرة لإيذاء الآخرين المستهدفين وإيلامهم نفسيا وجسديا واجتماعياً.
ثانياً: اتفق بعض الباحثين على أن المشاغبة هي شكل من أشكال الإساءة الموجهة إلى الأطفال أو التلاميذ:
ولقد اعتدنا على سماع عبارة إساءة المعاملة وكان أول ما يتبادر إلى أذهاننا منذ الوهلة الأولي أن هذه الإساءة صادرة من أحد الوالدين أو كليهما أو من المعلم تجاه التلاميذ، ولكن الوضع هنا مختلف، فالإساءة صادرة من الأصدقاء (الأقران) وهذا ما دفع كثيراً من الباحثين أمثال كوسل وبيرى Kusel & Perry (1988)، وهودجس وبيرى Hodges & Perry (1996) إلى دراسة مشكلة المشاغبة تحت مسمي الإساءة للأقران Peer Abuse. وخلاصة القول فسلوك المشاغبة هو الإيذاء المنتظم والمتكرر في العلاقات الاجتماعية البينشخصية، فلا مشاغبة مع الذات ولا مع الجماد، ولكن المشاغبة تستلزم وجود شخصين على الأقل (مشاغب وضحية).