أنت هنا

قراءة كتاب بولقلق

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
بولقلق

بولقلق

في رواية (بولقلق) للكاتب البحريني د.

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
الصفحة رقم: 2
وصل خالد إلى مطار مانيلا الدولي في يوم صيفي حار ليجد في إستقباله طاقم الموظفين الذين سيتعاونون معه في مهمته الإنسانية· كان منهكا من رحلة الساعات السبع التي إستغرقها الطيران من بلده إلى الفلبين· كان يرنو إلى الوصول سريعا إلى فندقه لأخذ;دوش بارد وبعض;المساج في النادي الصحي لا سيما وأن الفلبين عرفت بتقديم خدمات;المساج بكفاءة وتميز في فنادقها· هكذا سمع ممن سافروا قبله إلى الفلبين·
 
كان الفندق الذي أختير مكانا لإقامته هو;فندق مانيلا المصنف ضمن فنادق الخمس نجوم والقريب من حي المال والأعمال والمتاجر الفاخرة المعروف بإسم;مكاتي بوسط العاصمة· فرح خالد كثيرا بمقر إقامته· فرحه إزداد حينما تفقد غرفته التي كانت هي الأخرى غاية في الفخامة والأبهة والذوق الرفيع من حيث نوعية الأثاث وتناسق الألوان والمزج ما بين التصاميم الغربية والشرقية بأسلوب مبتكر·
 
كان من عادة خالد أينما حل أن يبدأ مشواره بإستطلاع مرافق ومناهل مكان إقامته· إكتشف سريعا أن ضمن مرافق فندقه حانة على النمط البريطاني الكلاسيكي مزروعة بالورود والنباتات النادرة وذات مقاعد وطاولات مصنوعة من خشب التيك البني المصقول· كان إسم الحانة;تاپ روم وموقعها إلى اليسار من مكتب الإستقبال في الدور الأرضي· فوق ذلك علم خالد أن في تلك الحانة آلة پيانو يتناوب عليها ليليا عازفون محليون مهرة لتقديم روائع المقطوعات الموسيقية الكلاسيكية من;فالس و>تانغو ونحوهما تليها مختارات من فن الجاز الامريكي فمقطوعات من الموسيقى اللاتينية على البيانو والغيتار· قرر خالد أن تلك الحانة دون غيرها ستكون ملجأه في ساعات الراحة والإسترخاء من عناء العمل خصوصا وأنه كان قد بدأ يتذوق الموسيقى الكلاسيكية والألحان اللاتينية القديمة ويعشق أعمال لوي آرمسترونغ وجيمي سميث وأل ماكيبسون وديوك إيلينغتون ضمن فن الجاز·
 
في ليلته الأولى في مانيلا ذهب إلى النادي الصحي وتعرى أمام فتاة صغيرة مكلفة بتدليك أجساد النزلاء· لم يكن التدليك متميزا كما توقع· بعده عاد مسرعا إلى غرفته· تحمم وتعطر وإرتدى أفخم ما في حقيبته من ملابس وإختار ربطة عنق ذهبية من صنع;بيار كاردان وصفف شعره الأسود بعناية مزيلا منها بضع شعيرات فضية متسللة وخرج قاصدا حانة;تاپ روم· في الطريق لم ينس خالد أن يسلم حذائه البني الأنيق لآلة التلميع المجانية المثبتة بالقرب من باب المصعد· إعتاد خالد أن يولي إهتماما خاصا بحذائه إنطلاقا من نظرية مفادها أن شكل ونوع حذاء المرء يعكسان درجة ذوقه وأسلوب حياته· كان خالد قد قرأ ذات مرة أيضا أن أول ما تركز عليه المرأة عند مقابلتها رجلا هو حذائه!
 
كان الجو العام في الحانة باعثا على الدهشة· موسيقيون ومغنون وأقداح فضية وبلورية وعشرات الرواد من الجنسين ومعزوفات تذكر المرء بأجواء كوبا في الخمسينات أو أحوال الأرجنتين في عهد پيرون وزوجته الحسناء إيفا· الكل كان يغني ويدندن ويرقص تاركا همومه خلف ظهره ومسلما أموره لكؤؤس الراح· وربما لولا أنظمة الفندق وقيوده الخاصة بإغلاق المناهل في ساعة معينة لبقي الجميع متسمرا في مكانه حتى بزوغ شمس اليوم التالي تحقيقا لمقولة;اليوم خمر وغدا أمر
 
توالت زيارات خالد إلى حانة الفندق مساء بل كلما وجد متسعا من الوقت· ذات ظهيرة إسترعى إنتباهه وجود فتاة تعطي ظهرها للمتواجدين وتتخذ من إحدى الزوايا البعيدة مكانا للجلوس والقراءة· لون شعرها الأسود الفاحم وطريقة تسريحتها الكلاسيكية المبتكرة التي كشفت عن رقبة مصقولة وأذنين صغيرتين تحملان زوجا من الأقراط الذهبية الدائرية دفعا خالد إلى سؤال الساقي عنها لكن الأخير لم يتمكن من إعطائه الجواب الشافي· لم يكن خالد معنيا كثيرا بتقاطيع الوجه فالوجوه في الفلبين تبدو للقادم من منطقة الشرق الأوسط متشابهة أو قريبة التشابه ولا سيما لجهة الأنف والعينين والجفون· بل أن العرب كثيرا ما تندروا على ذلك في طرائفهم ومنها أن بدويا مصابا بالأرق سافر إلى الفلبين فلما عاد سأله أصدقاؤه عن أكثر الأشياء التي لفتت نظره في تلك البلاد فكان جوابه:;كل الشعب شبعان نوم في إشارة الى جفون الفلبينيين والفليبينيات التي تبدو كما لو أن أصحابها إستغرقوا طويلا في النوم·

الصفحات