أنت هنا

قراءة كتاب السماء شاغرة فوق اورشليم (2)

تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"

‏اللغة: العربية
السماء شاغرة فوق اورشليم (2)

السماء شاغرة فوق اورشليم (2)

السماء شاغرة فوق اورشليم (2)؛ للكاتب سليم بركات، هذا هو الجزء الثاني، والأخير، مُلْحَقاً بالرواية، جَرْياً بوقائعها على سكَّة الحملة الصليبية الثالثة أعلنها البابا غريغوري الثامن تعبئةً، حتى سقوط عكا في يد الفِرَنْجة· سردٌ يمضي، هنا، بسيرة العسكري توران، ال

تقييمك:
0
لا توجد اصوات
المؤلف:
الصفحة رقم: 7
 كنَّا نتصنَّع مخاطبتَهم بلغة الروم الفرنجة، والسَّلاجقة الروم، فيفهمون· لم نكن نفهم ما نقوله اختراعاً من رطاناتٍ طنينٍ ورنينٍ تقليداً للغات الإفرنج، وكانوا هم يفهمون· لا تستغرب، ياجناب مراد، كيف عرفنا أنهم يفهمون مالانفهمه من كلماتنا العديمة المعاني· كانوا يضعون أيديهم على عماماتهم، أو سيوفهم، أو يضمُّون أطرافَ عباءاتهم، أو يركلون طاساتهم· هناك، بعد خيمتهم بقليل، ياجناب مراد، كانت خيمةُ عُشارية الكُرد الداودييْنَ يبجِّلون النبيَّ داودَ قياماً وقعوداً، ويُصَلُّون عليه لاعلى نبيٍّ غيره· وكانوا يعتقدون أنهم يحاربون النصارى الإفرنج ليسترجعوا منهم أملاك النبي داود· يشدُّون على أضراسهم بقسوة وهم يتمثَّلون أنهم يأكلون عيسى المسيح من رأسه حتى قدميه· كانوا أناساً غاضبين دائماً· يتحادثون في غضب حتى لو ضحكوا· على بعد سبع أقدام منهم كانت خيمة عشارية بابا تِلُّو الكثير الدعابات، الطيِّب، ومعه، في عشاريته، ثلاثة من النصارى أسلموا عن يد شيخ في حوران، يحتفظون بأسمائهم النصرانية : لوقا المُحمدي· عازار المحمدي· قُوْستا المحمدي· لكنَّ ما بقي كتنُّور مُسجَّرةٍ، في خيالي، ياجناب مراد، هو منظر شاب من عشارية صدر الدين خالقاني، اتَّكأ بصدره على نصل سيفه، راكعاً، فخرج من ظهره وهو يبتسم· كان الشاب، الذي يُدعى لاتُوْ، أو لاتُوني، يجعلنا نبتسم مدهوشين، إذ يمطُّ جلدَ غَبَبِه، تحت الحنك وفوق الحَرْقدة، ثم يخرقُهُ بإبرة طويلة شبراً فلا تسيل منه قطرة دم· أرعبنا أحياناً، لكنه جعلنا نبتسم أيضاً· أمَّا اتِّكاؤه على نصل سيفه مبتسماً فقد ترك فينا، ياجناب مراد، تنُّوراً مُسجَّرةًً· كلَّما تذكرتُ صورةَ لاتُوني انقبضت أحشائي· لماذا فعل ذلك؟ لم يفكَّ أحدٌ لغزه، قال زهراب وهو يمشي في الخلاء المهجور، معيداً ـ بإشارات من يده إلى الأمكنة ـ ترتيب الممرات في معسكر طُغرل، ورَصْفَ الخيام منتصبة حول الممرات، من الهرم التراب حتى موضع السُّرادق الكبير ـ ملجأ الدواب، وأحواض السَّقيِ، ومذاود العلف· توقف وقد انحلَّت الصورُ، وعاد المُحتجبُ محتجباً: لاخيامَ؛ لاسُرادقَ؛ لاعُشارياتٍ؛ بل خلاءٌ من خيال الخلاء، مهجور إلاَّ من أرواح الدجاج العنيدة ، ومن حيرةِ الرجلين·
 
ماذا سنفعل؟، همس زهراب·
 
فلْنمض إلى عجلون· قد نجد جواباً هناك، ردَّ مراد ذو اللحية المرسومة حَلْقاً حول استدارة وجهه· 
 
رضي مراد باديدي أن يصحب ابنَ صديقه، متفقداً أباه الغائب، بإلحاحٍ من زوجته ـ أمِّ أولاده السبعة شَاهْناف· أخت توران، التي تكبره بسنة، هي التي أوعزت إليها حضَّ زوجها على الرحلة: قد تكتمل سنتان قريباً، ياشريكتي شاهناف، على آخر زيارة من توران إلى عياله· هم قلقون· أنا قلِقة، قالت·

الصفحات