كتاب "تجربة حياة" تردد الكاتب د. تيسير النابلسي في الكتابة، كما يقول: "على الرغم من حرص عدد من الإخوة والأصدقاء على أن أقوم بتدوين مذكراتي، وكنت أتساءل لماذا مذكراتي؟ وأي هدف أسعى إليه؟
أنت هنا
قراءة كتاب تجربة حياة
تنويه: تعرض هنا نبذة من اول ١٠ صفحات فقط من الكتاب الالكتروني، لقراءة الكتاب كاملا اضغط على الزر “اشتر الآن"
اللغة: العربية
الصفحة رقم: 6
سنوات في القاهرة وعودة الهوية
1952-1957م
أتيح لي أن أتابع دراستي في القاهرة، وصلتها في نهاية نوفمبر (كانون الأول) 1952م بعد ثورة يوليو 1952م بأشهر عدّة، وكانت تلك المرة الأولى التي أغادر فيها فلسطين (الضفة الغربية)· نزلت في فندق متواضع وبرفقتي زميلي ورفيقي في الدرب المرحوم أحمد عثمان عبدالله، الذي عشت معه طوال إقامتي في القاهرة حتى يوليو 1957· وفي أثناء تجوالنا في منطقة باب اللوق بالقاهرة، لفتت نظري يافطة على إحدى البنايات كتب عليها رابطة الطلاب الفلسطينيين أشد ما شدني في العنوان كلمة الفلسطينيين التي كدت أنساها، فطول السنوات الخمس، منذ بداية النكبة وحتى مغادرتي إلى القاهرة؛ كاد الناس في نابلس وما سمّي بالضفة الغربية ينسون كلمة فلسطين· كان نسيان الهوية الفلسطينية جزءاً من ترتيبات ما بعد النكبة الفلسطينية، وما تم من واقع الاغتصاب الصهيوني للأرض الذي امتد إلى الثقافة والهوية، وفرض تغيرات على أرض الواقع تدفع للقبول والاستسلام ونسيان ما حصل· كان ذلك هو المخطط الصهيوني والغربي الذي تم فرضه، وشاركت فيه أيد عربية بقصد أحياناً، وأحياناً أخرى بقصر نظر وبغير قصد، لقد هزني بشدة اسم الرابطة، وأنها رابطة للطلاب الفلسطينيين، وهذا يعني أنني بعد سنوات استعدت اسمي، وبدأت أستعيد هويتي، شعرت وكأنها عودة الروح لفتية الكهف الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى· دخلت المبنى والقاعة التي كانت تغص بعدد من الطلاب الفلسطينيين القادمين من فلسطين والمهاجر، وكان معظمهم آنذاك من قطاع غزة·
تعرفت هناك على المرحوم القائد ياسر عرفات الذي شارك في تأسيس الرابطة، وعلى عدد من زملائه الذين كانوا في الهيئة الإدارية، وبينهم من فجر الثورة الفلسطينية في عام 1965م، مثل: أبو جهاد، وأبو إياد، وكانوا جميعهم آنذاك طلاباً يدرسون في الجامعات المصرية·
كنت أكثر من التردد على مبنى الرابطة في الكثير من المناسبات، وبعد أشهر عدة، قام المرحوم أبو عمار بترتيبات لتدريب الطلاب الفلسطينيين تدريباً عسكرياً، شاركت فيه كما شارك فيه زميلي أحمد عثمان والعديد من الطلاب، وكان أبو عمار أحد المدربين الذين توزعوا على عدد من المناطق في ضواحي القاهرة، وفي حلوان، ضمن ترتيبات مع عدد من الضباط المصريين· وفي أثناء بعض التدريبات على إلقاء القنابل الملز، دخلت شظية صغيرة بين أصابع يدي اليمنى، فنصحني الأطباء بتركها على حالها، وقد بقيت في يدي منذ عام 1953م وحتى عام 1990م حين أزلتها بعملية جراحية بسيطة·